هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في البسملة في أوائل السور]

صفحة 12 - الجزء 2

  في أول فاتحة الكتاب وفي أول كل سورة يبتديها القارئ ما خلا سورة التوبة، وإنما يختلفون في إثباتها في أوائل السور مع وصل التلاوة، فمن ذكرناه موافقاً لأهل القول الأول يثبتونها وصلاً أيضاً، وهؤلاء إنما يحذفونها مع الوصل بما قبلها.

  (لنا) في إثبات القول الأول أدلة، منها: (إجماع العترة⁣(⁣١)) من آل محمد ÷، وإجماعهم حجة لما يجيء إن شاء الله تعالى من الاحتجاج على حجيته.

  (و) منها: (وضعها في المصاحف) بالاتفاق (مع المبالغة في تجريدها) عما سوى القرآن، حتى لم يثبتوا آمين، ومنع قوم من العَجْمِ⁣(⁣٢)، ولو لم تكن من القرآن لما كتبها بعض، ولأنكر على كاتبها ولو نادراً؛ لقضاء العادة بذلك⁣(⁣٣).


(قوله): «فمن ذكرناه» يعني من القراء، وقوله: «موافقاً» حال.

(قوله): «إنما يحذفونها مع الوصل» يعني لا مع الابتداء بها فيثبتونها كما في التبرك بالابتداء بها في كل أمر ذي بال.

(قوله): «حتى لم يثبتوا آمين» قال في حواشي الكشاف للشريف: اعترض عليه بأنه أثبت في المصحف أسماء السور وعدد الآي. وأجيب بأن من فعل ذلك فقد ميزه وأثبته بلون آخر⁣[⁣١].

(قوله): «ولأنكر على كاتبها⁣[⁣٢]» في شرح المختصر: فكان لا يثبتها بعض أو ينكر على كاتبها بألف التخيير؛ إذ المتوقف عليه الاستدلال لزوم أحد الأمرين: إما أن لا يكتبها بعض أصلاً أو يكتبها بعض وينكر عليه، وأما لزوم اجتماع الأمرين فلا.


(١) في شرح الفصول للشيخ لطف الله والسيد صلاح: إجماع العترة على أنها آية، قال القاضي محمد بن حمزة في أول تفسيره: وذلك إجماع العترة $، وكذا في تفسير عطية النجراني. اهـ وقال السيد أحمد الشرفي شارح الأساس: قال الإمام الناصر لدين الله أبو الفتح الديلمي في تفسيره: وعندنا وعند علماء العترة $ أنها آية من الفاتحة ومن كل سورة أثبتت فيها، ثم قال أيضاً: قلت: وكذا حكى الطوسي في تفسيره إجماع أهل البيت $ على أنها آية من القرآن في كل سورة.

(٢) أي: الإعراب والنقط.

(*) أول من نقط المصحف أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي، ذكر هذا في مختصر تاريخ النحاة، وهو أول من وضع أبواب النحو.

(٣) ولما أجمعت الأمة على كتبها ولم ينقل منكر له دل ذلك قطعاً على أنها قرآن في كل موضع كتبت فيه، وهو المطلوب. (جلال).


[١] في حاشية عن سيدنا علي الطبري | أنه لم يكن في زمان جمع القرآن وكتابة المصاحف، وإنما هي حادثة ابتدعها المتأخرون، ووقفت على مصحف في مسجد الشهيدين بصنعاء بخط كوفي يروى أنه من عهد الصحابة [وعهدهما] غير مرسوم فيه ذلك، والله أعلم. (عن هامش الشفاء. ح).

[٢] الواو لا تدل على أن الاستدلال بمجموع الأمرين لا سيما مع إعادة اللام، فدل على أنه جواب آخر، ولا ينافي كون أحدهما دليلاً مستقلاً. (حسن بن يحيى). وفي حاشية: ويمكن أن يقال: إن المؤلف إنما لم يأت بالتخيير نظراً إلى أن من لم يكتبها على الفرض يجب عليه الإنكار على من كتبها، والله أعلم، لعلها من الحبشي. (ح).