هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ذكر سبب التأليف]

صفحة 76 - الجزء 1

  وإما معنى البناء؛ فإنه يتعدى بعلى إلى أسلوبه، يقال: بنى الدار على طبقتين.

  أو يقال: إن الترتيب يتعدى بعلى بناء على أن معنى ترتيب الكل جعل أجزاءه مرتبة، وهذا يتصور على أنحاء مختلفة، فيتعدى بعلى إلى النحو المعين الواقع هو عليه.

  والضمير للكتاب المشار إليه سابقاً، وهو بالمعنيين المتقدمين على حذف مضاف، أي: رتبت أجزاءه، لا بالآخر.


(قوله): «وإما معنى البناء» أي: وإما مضمن معنى البناء.

(قوله): «فإنه» أي: البناء «يتعدى بعلى إلى أسلوبه» أي: أسلوب البناء، في الصحاح وغيره: الأسلوب بالضم الفن والطريق، يقال: أخذ فلان في أساليب من القول، أي: في فنون منه وطرق، جمع أسلوب، فالمناسب بهذا أن يكون المراد بأسلوب البناء في كلام المؤلف هيئته وطريقته التي هو عليها من كون الدار مثلاً على طبقة أو طبقتين وعلى شكل مخصوص؛ تشبيهاً لهيئات البناء بفنون الكلام وأنواعه، وبأسلوب الكتاب أي: هيئته من كونه على مقدمة ومقاصد معروفة معدودة مقدماً بعضها على بعض.

(قوله): «أو يقال: إن الترتيب ... إلخ» يعني في الاصطلاح، وفي عطف أو يقال على ما سبق خفاء، ولعله عطف على قوله: مضمن، كأنه قال: أو فهو يقال، فيكون الضمير للشأن.

(قوله): «معنى ترتيب الكل» وهو الكتاب «جعل أجزائه مرتبة» ففي هذا الوجه لا يلاحظ في العبارة تقدير الأجزاء، بل يوقع الترتيب على الكتاب باعتبار أجزائه، بخلاف المعنيين السابقين فإن المعنى عليهما جعل أجزاء الكل في مرتبتها، ومعنى الثاني جعل أجزائه بحيث يطلق عليها اسم الواحد، وأيضاً في هذا المعنى يتعين فيه تقديم ما هو الأنسب كالمقدمة على المقاصد؛ لأن الترتيب يقع على وجوه مختلفة عين المؤلف بقوله: على مقدمة ما هو الأنسب من تلك الوجوه، بخلاف المعنيين السابقين، وقد أشار المؤلف إلى هذا بقوله: إلى النحو المعين الواقع هو عليه. وبما ذكرنا لا يرد ما يقال: ظاهر العبارة أن هذا المعنى على حذف المضاف وهو لفظ الأجزاء مع أنه سيأتي قريباً إن شاء الله تعالى أن اعتبار حذف المضاف إنما هو على المعنيين السابقين لا في هذا المعنى الآخر. ولم يتعرض الشيخ | في حاشيته لهذا الوجه ولا لتضمينه معنى البناء، بل قال: فالوجه أن يضمن الترتيب معنى الاشتمال.

(قوله): «وهذا» أي: جعل أجزائه مرتبة.

(قوله): «والضمير» يعني في رتبته.

(قوله): «وهو» أي: الترتيب «بالمعنيين المتقدمين» وهما جعل كل شيء في مرتبته وجعل الأشياء المتعددة ... إلخ.

(قوله): «على حذف مضاف» إذ ليس المراد رتبت⁣[⁣١] الكتاب بمعنى جعلته في مرتبته، ولا معنى لجعله بحيث يطلق عليه اسم الواحد، وهو ظاهر.

(قوله): «لا بالآخر» المشار إليه بقوله: أو يقال ... إلخ.


[١] قوله: «إذ ليس المراد رتبت ... إلخ» بل المعنى جعلت أجزاءه كلاً منها في مرتبته. (منه).