[الكلام في البسملة في أوائل السور]
  قال الله: فوض إلي عبدي، وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥} قال الله: هذا بيني وبين عبدي، وإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦} قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»، رواه النيسابوري(١) في صدر تفسيره، وذكر الرواية الأخرى(٢) عن أبي هريرة ثم قال بعدها: قلنا: إذا تعارضت الروايتان فالترجيح للمثبت.
  قالوا: التنصيف إنما يحصل إذا لم تعد التسمية حتى يحصل للرب ثلاث آيات ونصف وللعبد ثلاث آيات ونصف(٣).
  قلنا: نحن نعد التسمية آية ولا نعد {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، وهذا أولى رعاية
(قوله): «وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال ... إلخ» لأن نصف هذه الآية ثناء، وهو قوله: {إياك نعبد}، ونصفها دعاء، وهو قوله: {إياك نستعين}.
(قوله): «وذكر الرواية الأخرى[١]» يعني التي ستأتي من كون سورة الكوثر ثلاث آيات.
(قوله): «ثم قال» أي: النيسابوري.
(قوله): «قالوا» أي: استدل من نفى كونها آية بأن التنصيف إنما يحصل ... إلخ، هذا الاستدلال مبني على أن: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}[الفاتحة: ٧] آية؛ ليستقيم استدلال النافي؛ فإن التسمية إذا عدت آية مع كون: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية لم يحصل للعبد نصف؛ لأنه يكون للرب تعالى أربع آيات ونصف وللعبد ثلاث آيات ونصف، والدليل على أنه مبني على ذلك قول المؤلف #: ولا نعد أنعمت عليهم آية.
وقوله: «قلنا: نحن نعد التسمية آية ولا نعد: أنعمت عليهم آية» ظاهر العبارة أن التنصيف قد حصل بهذا الجواب، وليس كذلك؛ إذ لا يحصل مع هذا الجواب للعبد إلا اثنتان ونصف، فلو اقتصر المجيب على قوله: نحن لا نعد «أنعمت عليهم» آية لكان الجواب متوجهاً؛ إذ يكون المعنى أنا وإن لم نعد التسمية آية لم يتم التنصيف؛ إذ لا نعد أنعمت عليهم آية، فلا يكون للعبد إلا اثنتان ونصف. ولعل وجه الإتيان بقوله: «نحن نعد التسمية آية» هو التنبيه على أنه لا تأثير له في عدم التنصيف كما أنه لا تأثير لعدم عدها آية أيضاً، بل المؤثر غير ذلك، وهو عدم عد أنعمت عليهم آية. ولعل المجيب بهذا الجواب هو النيسابوري.
وأما الجواب المحقق فهو ما سيأتي للمؤلف # من كون التنصيف باعتبار المعنى.
(قوله): «ولا نعد أنعمت عليهم» أي: لا نعده آية، هكذا في الكشاف، وقال في حواشيه: أي صراط الذين أنعمت عليهم؛ لوضوح أن الصلة بدون الموصول لا تكون آية. قال السعد: وأما عد: «أنعمت عليهم» آية والتسمية آية أخرى لتكون ثماني آيات، أو عد أنعمت عليهم إلى الآخر آية وأول السورة خالية عن التسمية أو مع التسمية آية واحدة لتكون ست آيات - فلم يذهب إليه أحد.
(١) إنما نسب الحديث هذا إلى النيسابوري وإن كان في كتب الجماعة والأئمة لأن في رواية النيسابوري إثبات البسملة وليس في غيره.
(٢) يريد بالرواية الأخرى ما رواه الستة إلا البخاري عن أبي هريرة فإنهم لم يذكروا في روايتهم ﷽.
(٣) بناء على أن (أنعمت عليهم) آية.
[١] ينظر في كون هذه الرواية معارضة فتأمل، ولعلها رواية أخرى معارضة لهذه الرواية. (ح عن خط شيخه).