هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في البسملة في أوائل السور]

صفحة 18 - الجزء 2

  لتشابه المقاطع⁣(⁣١)، ولأن «غير» صفة أو بدل، ويختل الكلام بجعله منقطعاً عما قبله؛ لأن طلب الاهتداء لصراط المنعم عليهم لا يجوز إلا بشرط كون المنعم عليه لا مغضوباً عليه ولا ضالاً؛ بدليل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا}⁣[إبراهيم: ٢٨]، فهذا المجموع كلام واحد.

  قلت: وهذا صحيح، ويؤيده قول أبي ميسرة⁣(⁣٢): فأين السابعة؟ إذ لو كان {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} آية لما سأل، وكذلك تفصيل أم سلمة، وقوله ÷: «الحمد لله رب العالمين سبع آيات إحداهن »، وحينئذ يكون التنصيف باعتبار المعنى لا باعتبار عدد الآيات سواء عدت التسمية آية أو لم تعد.

  وروي أنه ÷ قال لأبي بن كعب: «ما أعظم آية في كتاب الله؟» قال: ، فصدقه النبي ÷.

  وأخرج الواحدي عن نافع عن ابن عمر قال: نزلت⁣(⁣٣) في كل سورة.


(قوله): «لتشابه المقاطع» أي: فواصل الآي؛ لعدم موافقة أنعمت عليهم لها.

(قوله): «غير صفة أو بدل» ذكر الوجهين في الكشاف وحواشيه مع بيان فائدة البدل والصفة، فخذه من هنالك. قال السعد: وينبغي أن تكون الصفة على قاعدة المعتزلة للتأكيد دون التقييد، قال الشريف: لأن الإيمان مشتمل على الأعمال كما هو مذهبهم. قلت: لأن المراد بالنعمة نعمة الإيمان كما هو مقتضى كلام الحواشي. وظاهر عبارة المؤلف # حمل الصفة على التقييد؛ لقوله #: إلا بشرط كون المنعم عليهم ... إلخ، ولعل المؤلف # حمل النعمة على مطلق النعمة لا نعمة الإيمان أو أراد بالإيمان مجرد التصديق فيستقيم التقييد. ويؤيد هذا الحمل أن الاستدلال بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا}⁣[إبراهيم: ٢٨] إنما يستقيم إذا حملت النعمة في الفاتحة على مطلق النعمة، فإن المراد بالنعمة في هذه الآية مطلق النعمة؛ لأنها نزلت في كفار قريش أنعم الله عليهم بأن أسكنهم حرمه وجعلهم قوام بيته وأكرمهم بمحمد ÷ وكفروا نعمة الله، والله أعلم.

(قوله): «وكذلك تفصيل أم سلمة» يعني المتقدم.

(قوله): «باعتبار المعنى» يعني معنى السورة؛ لكون بعض معناها ثناء على الله تعالى وبعضه يعود إلى العبد وإن كان الثناء أكثر، فالنصف هنا بمعنى البعض لا النصف حقيقة؛ لأن طرف الثناء أكثر.


(١) المقطع حرف مع حركة أو حرفان ثانيهما ساكن على ما صرح به ابن سيناء في الموسيقى. (من حاشية السعد).

(٢) السائل فيما تقدم سعيد بن جبير لا أبو مسيرة إلا أن يريد في غير هذا الكتاب.

(٣) لفظ النزول فيه إشعار بأنها قرآن.