هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في البسملة في أوائل السور]

صفحة 21 - الجزء 2

  المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتى ينزل: ، فإذا نزلت علموا أن السورة قد انقضت. إسناده على شرط الشيخين.

  وأخرج الحاكم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن النبي ÷ كان إذا جاءه جبريل فقرأ «» علم أنها سورة. إسناده صحيح.

  وعن سعيد بن جبير أنه قال: كانوا في عهد رسول الله ÷ لا يعرفون انقضاء السورة حتى ينزل: «»، فإذا نزلت علموا أنها قد انقضت السورة.

  وعن ابن مسعود ¥: كنا ما نعرف الفصل بين السورتين حتى ينزل «»، وأخرجه البيهقي في الشعب وغيره بلفظ: كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين ... إلى آخره.

  وأخرج مسلم عن أنس قال: بينا رسول الله ÷ ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة⁣(⁣١) ثم رفع رأسه متبسماً فقال: «أنزلت علي آنفاً سورة، فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ١} ..» الحديث.

  فهذه الأحاديث تعطي التواتر المعنوي بكونها قرآناً منزلاً في أوائل السور.

  فإن قيل: إذا عدت البسملة آية من كل سورة فما وجه ما روي عن أبي هريرة أن النبي ÷ قال في سورة الملك: «إنها ثلاثون آية»، وفي سورة الكوثر: «إنها ثلاث آيات»، مع أن العدد حاصل بدونها؟

  فقد أجيب: بأنها إما أن تعد مع ما بعدها آية في بعض السور، وإما أن يراد ما هو خاصة الكوثر ثلاث آيات؛ فإن البسملة كالشيء المشترك فيه بين السور.


(قوله): «تعطي التواتر المعنوي ... إلخ» قد عرفت ما سبق في ذلك.

(قوله): «مع ما بعدها آية» فتكون البسملة بعض آية في بعض السور، لا أنها ليست من القرآن.


(١) فيه - يعني في الحديث -: فغفوت غفوة، أي: نمت نومة خفيفة، يقال: أغفى إغفاء وإغفاءة إذا نام، وقلما يقال: غفا، قال الأزهري: اللغة الجيدة أغفيت. (نهاية).