هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في البسملة في أوائل السور]

صفحة 22 - الجزء 2

  احتج النافون لكونها من القرآن: بأنها لو كانت قرآناً في أوائل السور لتواترت؛ لكنها لم تتواتر، أما الأولى فلقضاء العادة بتواتر تفاصيل مثله، وأما الثانية فلوقوع الاختلاف⁣(⁣١).

  (و) أجيب: بأن (عدم تواترها قرآناً ممنوع) فإن بعض القراء السبعة أثبتها، ويلزم من تواترها⁣(⁣٢) تواترها، والاختلاف لا يستلزم عدم التواتر، فكثيراً ما يقع لبعض الباحثين ولا يقع لمن لم يبحث كل البحث.

  (ولو سلم) عدم تواترها قرآناً (فتواتر المحل) أي: ثبوتها في المحل (كافٍ)


(قوله): «احتج النافون إلى قوله: لتواترت» مراد المستدل: تواترت قرآناً، أعني تواترت متصفة بهذا الوصف؛ ولهذا أجاب المؤلف⁣[⁣١] بأن تواتر المحل كاف، يعني وإن لم يتواتر كونها قرآناً كما ذكره المخالف.

(قوله): «أما الأولى» أي: بيان الملازمة.

(قوله): «بتواتر تفاصيل مثله» لأنه مما تتوفر الدواعي على نقله كما سيأتي.

(قوله): «وأما الثانية» أي: بطلان اللازم.

(قوله): «بأن عدم تواترها قرآناً ممنوع» صرح المؤلف بما ذكرنا سابقاً من أن مراد النافي تواترها متصفة بصفة كونها قرآناً، لكن قوله في سند المنع: فإن بعض القراء أثبتها لا يكفي في إثباتها بصفة كونها قرآناً؛ إذ يحتمل أنه اثبتها كتابة وتلاوة فقط.

وإن قلنا المراد⁣[⁣٢] أنه أثبت كونها قرآناً لم يتم الاستدلال؛ إذ لا حجة في قول بعض القراء بذلك.

(قوله): «فإن بعض القراء أثبتها ... إلخ» بيان لسند المنع، وبه يتم الجواب، لكن المؤلف # زاد قوله: والاختلاف ... إلخ رداً لما ذكره المخالف في دليل المقدمة الثانية من وقوع الاختلاف.

(قوله): «من تواترها» أي: القراءات السبع الدال عليه قوله: فإن بعض القراء السبعة.

(قوله): «تواترها» أي: البسملة، وهذا الجواب منع لبطلان اللازم.

(قوله): «فتواتر المحل» أي: فتواتر التسمية في المحل؛ ولهذا قال: أي: ثبوتها في المحل، يعني تواتر ثبوتها في المحل.

(قوله): «كاف» يعني وإن لم تتواتر بوصف كونها قرآناً.


(١) ومن ذلك ما قاله ابن السبكي عن الغزالي في كتاب حقيقة القولين وغيره في مقابلة قول من قال: لو كانت من القرآن لبين ذلك النبي ÷ بياناً شافياً ينقل بالتواتر كغيرها. قال - يعني الغزالي -: لو لم تكن من القرآن لبين ذلك النبي ÷ إلى آخر ما ذكره، مع الاحتياج إلى ذلك، فإن كونها مكتوبة بخط القرآن في كل سورة ومنزلة على النبي ÷ مما يوهم أنها من القرآن، فيلزم بيان ذلك. اهـ المراد.

(٢) يعني القراءات السبع.


[١] ينظر في هذا التعليل؛ فإن المحشي خلط الجواب الثاني المبني على تسليم عدم تواترها قرآناً بهذا الجواب، فتأمل كيف انساق الخوض. (ح عن خط شيخه).

[٢] المراد الثاني، وهو إثباتها قرآناً كما لا يخفى، وبه يتم الاستدلال؛ إذ قول هذا البعض حجة؛ لأن قراءته متواترة كما سيجيء، فتأمل. (ح عن خط شيخه).