هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[ذكر سبب التأليف]

صفحة 77 - الجزء 1

  وإنما رتب عليها لأن ما يجب أن يعلم في هذا العلم إما أن يتوقف الشروع فيه على بصيرة عليه أو لا. الأول المقدمة، والثاني لما كان الغرض منه استنباط الأحكام فالبحث إما عن نفس الاستنباط وهو السادس، أو عما تستنبط هي منه إما باعتبار تعارضه وهو السابع أو لا:


(قوله): «وإنما رتب» أي: الكتاب «عليها لأن ما يجب أن يعلم ... إلخ» الظاهر أن الحصر واقع بين الترتيب ومتعلقه، أعني عليها، فالمعنى ما رتب الكتاب إلا عليها، والمعنى حصر الكتاب في مقدمة وثمانية مقاصد لأن ما يجب ... إلخ، فالتعليل للحصر لا للترتيب، فإنه وإن استقام كون أول الكلام علة لتقديم المقدمة على المقاصد بناء على أن ما يتوقف الشروع فيه على بصيرة عليه ينبغي تقديمه على المقاصد لم يستقم كون آخره علة لتقديم ما قدم من الأقسام كما لا يخفى، فلا بد لتقديم ما قدم منها من علة أخرى؛ ولهذا احتاج المؤلف # لتقديم بعض المقاصد إلى تعليل آخر كما يأتي حيث قال في أول المقصد الأول: وقدم الكتاب لأنه أصل الأدلة الشرعية، والسنة على الإجماع لأنها أصله، والإجماع على القياس لسلامته عن الخطأ. ولو جعل الحصر واقعاً بين المعلل وعلته لكان المعنى ما رتبه عليه إلا لكذا، فيكون التعليل المذكور للترتيب، أعني تقديم بعضها على بعض، وليس كذلك كما عرفت.

واعلم أن الحصر مستفاد من قوله: رتب⁣[⁣١] كما ذكر الشيخ مثله في قوله: رتب المختصر، وكأنه مستفاد من المقام؛ إذ لو كان ثم أمر آخر لذكر؛ لاقتضاء المقام ذكره، وقد صرح المؤلف بالحصر حيث قال: والحصر في هذه الأجزاء بالاستقراء.

(قوله): «لأن ما يجب أن يعلم ... إلخ» قيد الوجوب في عبارة المؤلف # احتراز عن قسم يصدق عليه قوله: أو لا، وهو ما لا يتوقف عليه الشروع ولا يكون مقصوداً بالذات، وذلك لأن هذا القسم ساقط عن درجة الاعتبار فليس مما يجب أن يعلم، فينحصر المراد بقوله: أو لا فيما يكون مقصوداً بالذات.

(قوله): «إما أن يتوقف الشروع فيه» أي: في العلم «على بصيرة» متعلق بالشروع، وقوله: «عليه» متعلق بالتوقف، والضمير عائد إلى ما يجب أن يعلم، وإنما قال: «على بصيرة» إشارة إلى أن ليس المراد بالمقدمة ما يتوقف عليه الشروع في العلم؛ لأن المفهوم من توقف الشروع على الشيء أنه لا يمكن الشروع بدونه، وظاهر أن شيئاً مما ذكر لا يتوقف عليه بهذا المعنى أعني عدم الشروع بدونه، ألا ترى أن كثيراً من الطالبين يحصل كثيراً من العلوم الأدبية كالنحو وغيره مع الذهول عن رسومها وغاياتها.

(قوله): «والثاني» أي: المقصود بالذات.

(قوله): «وهو السادس» أي: المقصد السادس، وهو الاجتهاد.

(قوله): «أو عما تستنبط هي» أي: الأحكام منه.

(قوله): «وهو السابع» يعني المقصد السابع، وهو التعادل والترجيح.

(قوله): «أو لا» أي: لا باعتبار تعارض ما تستنبط هي منه.


[١] قوله: «مستفاد من قوله: رتب» مع متعلقه وهو على مقدمة وثمانية مقاصد، كما يدلك على هذا قوله: وكأنه مستفاد من المقام. (إملاء معنى ح عن خط شيخه).