[انقسام القرآن إلى محكم ومتشابه]
  ويؤيده: أسلوب الآية، وهو الجمع مع التقسيم؛ لأنه تعالى فرق ما جمع في معنى الكتاب بأن قال: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}، والإخبار عن المحكمات بأنها أم الكتاب يدل على أن المتشابهات ترد إليها وتتعرف منها، وهذا التفسير للمحكم والمتشابه رأي أكثر المحققين، وصرح به والدنا قدس الله روحه في الأساس.
  (وقد فسرا بغير ذلك) فقيل: المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة من أوائل السور(١).
  وقيل: المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً(٢)، والمتشابه: ما احتمل أوجهاً.
  وقيل: المحكم ما كان معقول المعنى(٣)، والمتشابه بخلافه، كأعداد الركعات واختصاص الصيام برمضان دون شعبان(٤).
  وقيل: المحكم ما لم تنكر ألفاظه(٥)، ومقابله المتشابه.
(قوله): «ويؤيده» أي: كونه مقابلاً له.
(قوله): «وتتعرف منها» هذا فائدة التفسير المذكور، فإن المردود غير متضح، والمردود إليه متضح.
(قوله): «كقيام الساعة ... إلخ» يقال: الألفاظ الدالة على ما ذكر لا إجمال فيها، والإجمال إنما يجري في الألفاظ، وكأن القائل بذلك بنى على تعميم جري الإجمال في الألفاظ والأفعال، وقد ذكره السيد العلامة محمد بن إبراهيم في الإيثار فخذه من هناك.
(قوله): «ما لم تنكر ألفاظه» مثل بيدي بيمينه، ويستهزئ بهم، الظاهر أنه لم يرد بالإنكار الرد؛ إذ يلزم إنكار المعلوم ضرورة، بل أراد مجرد الاستنكار والتردد.
(١) سميت بذلك - يعني بالمقطعة - لأنها أسماء لحروف يجب أن يقطع في التكلم كل منها عن الآخر على هيئة، وتسميتها بالحروف المقطعات مجاز؛ لأن مدلولاتها حروف، أو لأن الحرف يطلق على الكلمة. (تلويح).
(٢) نحو: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[الإسراء: ٣٢]، فهؤلاء رجعوا بالحكم إلى النص الجلي.
(٣) أي: معقول العلة، وهي عبارة مستعملة عند أهل الأصول كما سيأتي في القياس إن شاء الله تعالى.
(٤) قاله الماوردي. (إتقان).
(٥) كذا في الإتقان، يعني كالقصص المتكررة، ولعلها تصحيف من الناسخ، وفي نسخة: ما لم تنكر ألفاظه، قيل: أي: غير غريبة، وقوله: «ومقابله المتشابه» أي: ما أنكر ألفاظه مما ظاهره التشبيه مثل: {بيدي} ... إلخ. كذا عن سيلان.