هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في المعرب والخلاف في وقوعه في القرآن]

صفحة 39 - الجزء 2

  وقد جمع أبو عبيد⁣(⁣١) القاسم بن سلام بين القولين فقال: الصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعاً، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية⁣(⁣٢)، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق، ومن قال: إنها عجمية فهو صادق. وكلامه حسن، وهو في الحقيقة تأويل للنفاة.

  وقال الأكثر: لا نسلم أن ذلك من المعرب؛ لجواز كونه مما اتفق فيه اللغتان⁣(⁣٣).

  (و) الجواب: أن (اتفاق اللغتين بعيد) كل البعد؛ لندوره، والاحتمالات البعيدة لا تدفع الظهور.

  احتج النافون: أما أولاً: فبما مر في نفي الأسماء الشرعية من لزوم أن لا يكون القرآن عربياً، والجواب الجواب⁣(⁣٤).


(قوله): «وحولتها عن ألفاظ العجم» هذا غير مطرد في جميعها؛ إذ لا تحويل في نحو الياقوت والأكواب⁣[⁣١].


(١) شيخ أبي عبيدة وتلميذ أبي عبيدة بن معمر. (من خط العلامة الصفي الجنداري).

(٢) قال صاحب الكشاف عند تفسير قوله سبحانه: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}⁣[الشورى: ١٢] ما لفظه: فإن قلت: ما للكتاب العربي المبين وللفارسية؟ قلت: التعريب أحالها عربية، كما أخرج الاستعمال المهمل عن كونه مهملاً.

(٣) كالصابون والتنور. (منتهى).

(٤) وهو أنه لا يلزم من كونه في القرآن امتناع كونه عربياً، فقد يطلق العربي ولو مجازاً على ما غالبه كذلك.

(*) لا شبهة في أن الأسماء الشرعية عربية بالذات - لأنها موضوعة بوضع العرب لحقائقها اللغوية - وإن كانت غير عربية بالعرض بالنسبة إلى معانيها الشرعية، ولا شك أن المعربات غير عربية بالذات، فلا يصح قياس غير العربي بالذات على ما هو غير العربي بالعرض؛ لأنه لكونه عربياً بالذات يحتمل أن لا يكون قادحاً في كون القرآن عربياً، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون غير العربي بالذات قادحاً فيه، فلا يكون الجواب الجواب، اللهم إلا أن يقال: الجواب الجواب لأنه قد ذكر أجوبة أخرى بعد تسليمه كون الأسماء الشرعية غير عربية بالذات على سبيل التنزل. (جواهر التحقيق بلفظه).


[١] يقال: لا يعني بالتحويل إلا النقل إلى استعمال العرب، والله أعلم.