[مسألة في المعرب والخلاف في وقوعه في القرآن]
  وقد يجاب أيضاً بالنقض الإجمالي، وهو أنه لو تم احتجاجهم للزم أن لا يكون القرآن عربياً؛ لوقوع الأعلام الأعجمية فيه كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، وهي غير عربية اتفاقاً.
  وأما ثانياً: فبقوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[فصلت: ٤٤]، فنفى أن يكون القرآن متنوعاً؛ لأن الاستفهام للإنكار، والتنوع لازم لوجود المعرب في القرآن، فينتفي لانتفاء لازمه.
  (و) الجواب: أنه (لا ينفيه) أي: المعرب قوله تعالى: ({ءَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ})، إنما ينفيه لو تم نفيه للازمه الذي هو التنوع، و لا نسلم أن المراد من الآية نفي التنوع عن القرآن (إذ المعنى) المراد من الآية: (أكلام أعجمي ومخاطب عربي) لا يفهم فيبطل غرض إنزاله الذي هو فهم المخاطب؟
  ويدل على أن المراد ما ذكرناه سياق الآية حيث ذكر إنزال القرآن عربياً، وأنه لو أنزل أعجمياً لقالوا: لولا فصلت آياته، أي: لتمسكوا على ذلك التقدير بكونهم عرباً لا يفهمون ذلك الكلام الأعجمي.
  (سلمنا(١)) أنه ينفيه لنفي لازمه (فالمنفي) من الأعجمي (ما لا يفهم) وهذه الألفاظ كانوا يفهمونها فلا تندرج تحت الإنكار.
(قوله): «فينتفي» أي: المعرب.
(قوله): «لانتفاء لازمه» وهو التنوع.
(قوله): «إنما ينفيه» أي: قوله تعالى إنما ينفي المعرب لو تم أن نفي قوله: {ءَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}[فصلت: ٤٤] للتنوع الذي هو لازم للمعرب.
(قوله): «أي لتمسكوا» تفسير لقوله: لقالوا.
(قوله): «على ذلك التقدير» أي: فرض إنزاله أعجمياً.
(١) قال في فصول البدائع: ولئن سلم فلنفي التنويع المخصوص، أي: على وجه لا تفهمه العرب، بدليل قوله تعالى: {لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}[فصلت: ٤٤]، أي: بينت، وبالمعرب لا يحصل ذلك الوجه.
(*) قوله: (سلمنا أنه ينفيه) أي: أن قوله تعالى: {أأعجمي} ينفيه أي: المعرب.