[الكلام في عصمة الأنبياء]
  والسفل، ويحكم عليه بدناءة الهمة وسقوط المروءة، كسرقة لقمة(١).
  (وقيل): بل هم معصومون عن المعاصي (مطلقاً) كبائرها وصغائرها.
  (وأما ما يتعلق بالتبليغ) للأحكام من كذب أو إخفاء لما أمر بتبليغه أو نحو ذلك (فاتفاق) على أنه غير جائز (خلافاً للباقلاني في الكذب سهواً. وتقريرها) أي: مسألة العصمة (في) علم (الكلام).
  وحاصل الكلام في هذه المسألة: أن المعصية إما أن تكون فيما يتعلق بالتبليغ أو لا، والثاني إما أن تكون كفراً أو معصية غيره، وهي إما أن تكون كبيرة كالقتل والزنا، أو صغيرة منفرة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة، أو غير منفرة كشتمة وهمٍّ بمعصية(٢).
  وكل واحد إما أن يكون عمداً أو سهواً، بعد البعثة أو قبلها. فالأقسام
(قوله): «وكل واحد» أي: من الأقسام[١] الخمسة «أربعة» باعتبار العمد والسهو وقبل البعثة وبعدها.
(١) في الديوان في باب فعل بضم الفاء وسكون العين ما لفظه: واللقمة: الأكلة، وقال في كتاب الهمزة في باب فعل: والأكلة: اللقمة.
(٢) كأن المؤلف نقل ذلك من كتب الأشعرية الذين قد يفسرون الكسب بالهم الجازم ويوجهون العقاب والثواب إليه، أما من خالفهم فإن الهم لا يكلف به العبد عنده؛ لأنه لما نزل قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ ...} الآية [البقرة: ٢٨٤] نسخت بقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا ...} الآية [البقرة: ٢٨٦]. (سيدي عبدالقادر بن أحمد). يمكن اعتبار الهم في حق الأنبياء، فقد ذكر بعض أهل الأصول أن صغير معاصيهم كبير بشهادة: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}[الأحزاب: ٣٠]، وحسنات الأبرار سيئات المقربين، وقد أخرج آدم من الجنة بتلك الخطيئة، وأودع يونس بطن الحوت بنكبة خفية، وعوتب أشرف الأنبياء على أخذ الفداء مع صلاح نيته، {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ٧٤ إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ٧٥}[الإسراء]، وصعق موسى بتلك المسألة، ومحي عزير من ديوان الأنبياء لسؤاله الحكمة الخفية،
وقلمة الظفر يخفى أثر موضعها ... ومثلها في سواد العين مشهور
[١] وأنت خبير أن بعض الأقسام الخمسة الكفر، وهو لا يعقل مع السهو؛ لاشتراط الاعتقاد والربط فيه. (من أنظار المولى ضياء الدين زيد بن محمد قدس سره).