[الكلام في عصمة الأنبياء]
  خمسة(١)، وكل واحد أربعة(٢):
  الأول: فيما يتعلق بالتبليغ، والجمهور على عصمتهم عما ينافي مقتضى المعجزة كالكذب عمداً أو سهواً بعد البعثة؛ لدلالة المعجزة على صدقهم في تبليغ الأحكام، فلو جاز الخلف في ذلك لكان نقضاً لدلالة المعجزة، وهو ممتنع.
  وجوزه القاضي أبو بكر الباقلاني(٣) سهواً، زعماً منه أنه لا مدخل له في التصديق المقصود بالمعجزة.
  وأما قبلها فمنعه العدلية عمداً؛ لما فيه من النقص والتنفير عن الاتباع لهم والاقتداء بهم.
(قوله): «لا مدخل له» أي: الكذب سهواً في التصديق.
(قوله): «المقصود بالمعجزة» يعني أن المقصود من دلالة المعجزة على التصديق هو عدم تعمد الكذب لا وقوعه سهواً، قال في الجواهر: وجوزه القاضي معتمداً على أن المعجز يدل على الصدق فيما يصدر عنهم اعتقاداً - أي: بطريق العمد والقصد - دون السهو فإن المعجزة لم تدل على نفيه.
(١) الأول ما يتعلق بالتبليغ، والثاني الكفر، والثالث والرابع والخامس المعصية كبيرة أو صغيرة منفرة أو غير منفرة.
(٢) فيتحصل عشرون. اهـ بل ستة عشر فتأمل، وذلك لأنه خرج الكفر سهواً قبل البعثة وبعدها، وخرجت المعصية المتعلقة بالتبليغ قبل البعثة عمداً أو سهواً؛ لأنه لا يعقل معصية قبل البعثة متعلقة بالتبليغ فتأمل. (يحيى بن محمد شاكر).
(٣) قال ابن السبكي بعد إيراد سؤال حاصله أنهم غير مؤاخذين في السهو فما بالهم لا يصدقون؟ وأجاب عليه، ومن جملة جوابه: قلت: نحن لا ننكر أنه لا ذنب في تلك الحال، لكن الفعل من حيث هو منهي عنه فربما يخيل رائيه النقص في فاعله غير متأمل أنه فعله عمداً أو سهواً، وهو أيضاً مكروه للشارع، وإنما يؤاخذ عليه لعذر الغفلة، ورتبتهم أجل من الإقدام على مكروه الباري سبحانه ... إلى آخر كلامه. ثم قال: فإن قلت: فهل يمنعون النسيان لأنه نقص؟ قلت: منعه من أصحابنا الأستاذ أبو إسحاق أيضاً، وفي الحديث الصحيح: «إنِّي لا أَنْسَى ولكنْ أُنَسَّى لأُسِنَّ» وادعى الجويني في المحصول الاتفاق على جواز السهو والنسيان، وهي دعوى ممنوعة كما حكيناه عن الأستاذ، ثم الفرق بين النسيان وغيره على تقدير تجويز النسيان أن النسيان طبيعة بشرية لا يستلزم نقصاً في البشر. اهـ كلامه
(*) يقال: تجويز الكذب ولو سهواً يرفع الثقة بما يصدر عنهم من الأحكام لجواز أن يخبرنا بالناسخ وهو المنسوخ وبالعكس سهواً وغلطاً وهو غير الحق في نفس الأمر. اهـ (ح عبدالرحمن على الغاية).