هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في فعل الرسول ÷ هل هو دليل شرعي في حقنا]

صفحة 45 - الجزء 2

  الخامس: الصغائر التي لا توجب النفرة، وهي التي لا خسة فيها، والجمهور⁣(⁣١) على جوازها قبل البعثة وبعدها مطلقاً، ومنعتها الإمامية مطلقاً كغيرها من سائر المعاصي، ووافقهم الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني وأبو الفتح الشهرستاني والقاضي عياض وابن السبكي، ومنعها أبو علي الجبائي جرأة وتعمداً لما فيه من التنفير وسقوط المنزلة، وإنما يفعلونها لتأويل منهم⁣(⁣٢) واعتقاد لعدم القبح لتقصير منهم في النظر أو غلط في طرقه، وذلك شبهة يخرجون بها عن الجرأة الممتنعة عليهم، ووافقه والدنا قدس الله روحه⁣(⁣٣).

  ومنعها النظام وجعفر بن مبشر تعمداً سواء علم النبي القبح أو جهله، وإنما يفعلونها سهواً وغفلة عنها فيعذرون لذلك.

  هذا حاصل الخلاف في خطايا الأنبياء، واستيفاء حجج كل فريق مبسوط في الكتب الكلامية.

[الكلام في فعل الرسول ÷ هل هو دليل شرعي في حقنا]

  مسألة: اختلف في فعل الرسول ÷ هل هو دليل شرعي على ثبوت مثل ذلك الفعل في حقنا أو لا؟

  وقبل الخوض في الاحتجاج لا بد من النظر في تلخيص محل الخلاف ليتوارد


(قوله): «ومنعها أبو علي جرأة وتعمداً» ورواه في الفصول عن الهادي وأبي عبدالله والقاضي عبدالجبار، لكنه نسب إلى هؤلاء أن الأنبياء $ إنما يفعلونها بتأويل منهم. فقوله: «جرأة وتعمداً» هذه العبارة تشعر بأنهم إنما يفعلونها سهواً لا تعمداً كما هو مذهب النظام، وليس كذلك، فأشار المؤلف # بقوله: «وإنما يفعلونها لتأويل منهم» إلى أن ليس المراد ذلك، بل الجرأة والتعمد هنا في مقابلة التأويل. وعبارة الفصول: وعند الهادي وأبي علي وأبي عبدالله والقاضي تصدر منهم على جهة التأويل. ثم قال: النظام وابن مبشر على جهة السهو، قالا: وليس بمعفو عنهم وإن كان معفواً عن غيرهم. قال في حواشي الفصول: واعترض بأنه لا قبح عند المقدم مع التأويل، وفيه نظر؛ لأن الاعتقاد لا يخرج الفعل عن القبح. وقد أورد في حواشي شرح الفصول لفظ الهادي # وقال: إنه أقرب إلى مقالة النظام وابن مبشر. ولعل المؤلف # فيما رواه عن الهادي # بناه على ذلك.


(١) منهم أبو هاشم، وكذلك البصرية جوزوها عليهم مع العمد، وهو قول كثير من أئمة الزيدية.

(٢) كخطيئة آدم، والتي لاعتقاد عدم القبح كخطيئة يونس.

(٣) والقاسم والهادي وغيرهما.