هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في عدم تعارض الفعلين وفي تعارض الفعل والقول]

صفحة 61 - الجزء 2

  عام، فأصناف الأول⁣(⁣١) ثلاثة:

  أولها: (القول الخاص به ÷) وهو إما أن يعلم تقدمه أو تأخره أو يجهل التاريخ كما عرفت (لا يعارض) الفعل حال كونه (متأخراً) أي: معلوم التأخر، كأن يفعل فعلاً ثم يقول: لا يجوز لي مثل هذا الفعل⁣(⁣٢)؛ وذلك لأن الفعل لا حكم له فيما بعد وقته؛ إذ الفرض عدم التكرار.

  (فإن تقدم) القول كأن يقول: لا يجوز لي أن أفعل كذا مطلقاً أو في وقت معين⁣(⁣٣) ثم يفعله مطلقاً أو في ذلك الوقت (فالفعل ناسخ) لحكم القول (مع التمكن) وذلك بأن يفعله بعد مضي وقت من المطلق أو المعين يتمكن من امتثال القول فيه (وإلا امتنع) تقدم القول مع فرض وقوع الفعل المخالف لحكمه قبل التمكن من الامتثال؛ لما يجيء في باب النسخ إن شاء الله تعالى، وفيه خلاف الأشاعرة.

  (فإن جهل التاريخ) للقول والفعل فلم يُدر أيهما المتقدم ففي المسألة ثلاثة أقوال:

  أحدها: وجوب العمل بالقول في حقه ÷.

  وثانيها: وجوب العمل بالفعل.

  وثالثها: الوقف والسكوت عن الحكم بأحدهما⁣(⁣٤) إلى أن يظهر دليل التاريخ،


(قوله): «حال كونه» أي: القول «متأخراً» فمتأخراً حال من ضمير «لا يعارض» العائد إلى القول.

(قوله): «كأن يفعل فعلاً» كاستقبال القبلة بقضاء الحاجة.

(قوله): «لا يجوز لي أن أفعل كذا» كالاستقبال مثلاً.

(قوله): «ثم يفعله مطلقاً» لو قال: في صورة الإطلاق لكان أحسن.

(قوله): «يتمكن من امتثال القول فيه» بأن يمكنه الكف عن ذلك الفعل في ذلك الوقت.

(قوله): «وإلا امتنع» أطلق في الفصول القول بالامتناع، والمختار ما ذكره المؤلف # من التفصيل، وهو الذي ذكره الإمام المهدي #.

(قوله): «فإن جهل التأريخ» بأن ينقل إلينا قوله ÷ وفعله ولم يعلم المتقدم منهما.


(١) وفي نسخة: فأصنافه ثلاثة.

(٢) كلبسه ÷ خاتم الذهب وقوله بعد: «لا ألبسه أبداً» على فرض عدم دليل التأسي.

(٣) بمنزلة يجب عليَّ الكف عن ذلك الفعل في ذلك الوقت. (سعد).

(*) يقال: فما فائدة القول؟ ولعلها رفع الاحتمال.

(٤) لتعارض المرجحين. (نظام). وفي حاشية: دفعاً للتحكم اللازم من القول بتقديم الفعل وعكسه؛ إذ هو ترجيح بلا مرجح. (سبكي).