هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

المقدمة

صفحة 81 - الجزء 1

  الألفاظ أو المعاني أو المركب منهما، وهكذا لو أريد بها النقوش وحدها أو مع واحد من الثلاثة.

  وقيل: إن أريد بها الألفاظ فهي مقدمة كتاب؛ لأنها ما يذكر قبل الشروع في المقاصد لارتباطها به ونفعه فيها، وإن أريد بها المعاني فمقدمة علم؛ لما سبق.


(قوله): «سواء أريد بها الألفاظ أو المعاني» أما المعاني فالتوقف عليها ظاهر، وأما الألفاظ فلحصول التوقف عليها بواسطة إفادتها للمعاني⁣[⁣١]، وبهذا تعرف ضعف القول بالفرق المشار إليه بقوله: وقيل: إن أريد بها الألفاظ ... إلخ.

واعلم أن المؤلف قد دل كلامه على أن ما ذكره هاهنا مقدمة علم حيث قال سابقاً: والمذكور فيها حد العلم ... إلخ، وحيث قال فيما يأتي: واعلم أنا لا نريد حصر مقدمة العلم في ثلاثة ... إلخ.

وهل يؤخذ من كلام المؤلف في هذا المقام نفي مقدمة الكتاب؟ كلامه محتمل؛ فإن قوله: فيصدق تعريف المقدمة المذكورة يحتمل أن يكون إشارة إلى نفي مقدمة الكتاب، لكن لا لأن إثباتها اصطلاح جديد، بل لصدق تعريف مقدمة العلم على الألفاظ؛ ولهذا قال: سواء أريد بها الألفاظ أو المعاني حيث لم يقل فيصدق تعريف المقدمة المذكورة على مقدمة الكتاب، ويؤيد هذا مقابلته # لما ذكره بقوله: وقيل ... إلخ.

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: فيصدق ... إلخ الإشارة إلى بيان النسبة بينهما⁣[⁣٢] لا إلى نفي مقدمة الكتاب، يعني أن النسبة بينهما على ما ذكره المؤلف هو العموم من وجه؛ لاجتماعهما فيما ذكره، لا التباين الكلي كما عند القائل بإثباتها، فإن النسبة عنده هو التباين الكلي، ويؤيد هذا الإحتمال إن مقدمة الكتاب قد تكون بغير الألفاظ الدالة على الحد والموضوع والغاية وأنه يعتبر فيها التقدم لا في مقدمة العلم، والله أعلم.

(قوله): «وقيل إن أريد بها ... إلخ» ذكره السعد وتبعه الدواني.

(قوله): «لأنها» أي: مقدمة الكتاب «ما يذكر قبل الشروع» والمذكور قبل الشروع إنما هو الألفاظ⁣[⁣٣].

(قوله): «لارتباطها» أي: المقاصد، اعتبر الشيخ العلامة | في تقدير مضاف في قوله: به، أي: ارتباطها بمعاني ما يذكر قبل الشروع، وكذا في قوله: ونفعه، أي: نفع معاني ما يذكر، وأشار الشلبي إلى عدم اعتباره، وتبعه المؤلف؛ لما عرفت من أن الألفاظ مفيدة بواسطة المعاني.

(قوله): «لما سبق» يعني من التوقف، وقد عرفت أنه حاصل في الألفاظ وإن كان بواسطة.


[١] قوله: «بواسطة إفادتها للمعاني» وأما النقوش فلحصول التوقف عليها بواسطة كونها نقوشاً للألفاظ التي هي قوالب للمعاني. (من أنظار ح).

[٢] قوله: «إلى بيان النسبة بينهما»: دعوى المحشي أن عبارة ابن الإمام تحتمل الإشارة إلى النسبة بين المقدمتين غير ظاهر، فلا كلام في أن عبارة ابن الإمام إنما تستلزم النسبة استلزاماً لا احتمالاً.

[٣] قوله: «والمذكور قبل الشروع إنما هو الألفاظ» ينظر في الحصر؛ إذ في الصحاح ما معناه أن الذكر يطلق على الذكر اللساني والذكر القلبي. (ح قال: من إملاء شيخه وخطه).