[مسألة في بيان حجية تقريراته ÷]
  حين بلغه قول المدلجي لأجل حقية طريقه؛ إذ المعلوم أنه (لإلزام الخصم(١)) لأن رجوع العرب إلى أقوال القافة معلوم لا ينكر، فلما أتى المدلجي وهو قائفهم بما يكذبهم سره ما ساءهم.
  وأجيب عنهما بأن ترك إنكاره # واستبشاره كما يدلان على حقية المقرر يدلان على حقية طريق ثبوته؛ إذ لا يجوز له ترك الإنكار على ما طريق ثبوته منكر وإن وافق الحق(٢) ولا الاستبشار به؛ لإيهام جوازه جواز طريقه؛ لاستحالة جواز الشيء دون طريقه(٣)، وإذا لم ينكر على قول المدلجي بل استبشر به دل على حقية طريقه، وهو القيافة.
  وقد يجاب: بأن قول المدلجي قد عرف حقيته المسلمون من غير طريق التقرير، فلم يكن سكوته ÷ واستبشاره لإثبات حكم حتى يلزم من إثباته إيهام جواز طريقه، بل لإلزام منافقي العرب(٤) وإدحاض مقالتهم وطعنهم في الدين وأهله بما لا(٥) يسكتهم سواه.
  (ولا يلزم إنكارها) أي: القيافة (لظهور أنها ليست طريقاً) شرعية، ويدل
(قوله): «ولا الاستبشار به» أي: بما طريق ثبوته منكر.
(قوله): «لإيهام جوازه» أي: جواز الاستبشار به.
(١) ويكفي في الإلزام أن القيافة عندهم حق، فإن الإلزام لا يجب أن يكون بمقدمة حقة في نفسها، بل بما يسلمها الخصم. (جواهر).
(٢) لو قيل: ترك الرسول ÷ للإنكار وعدم الاستبشار لعذر مع ظهور ما هو المعتمد عند المسلمين، وذلك العذر أنه لو أظهر الشناءة لقول المدلجي وأنكر عليه قوله لصرفه الكفار إلى إنكار حقية هذا القول وتكذيبه في قوله لا إلى إنكار طريقته - لم يكن بعيداً، والله أعلم.
(٣) ينظر في استحالته؛ فإنه قد يجوز الشيء دون طريقه، كأخذ أموال الحربيين بالربا، ونحوه كثير، والله أعلم. اهـ إنما هذا صورته صورة الربا وإلا فلا ربا؛ إذ هو في الحقيقة مجرد أخذ.
(٤) هذا هو معنى قوله: إنه لإلزام الخصم، فينظر.
(٥) في المطبوع: بما لم.