هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(المقصد الثالث) من مقاصد هذا الكتاب: (في الإجماع)

صفحة 84 - الجزء 2

(المقصد الثالث) من مقاصد هذا الكتاب: (في الإجماع)

  الإجماع في اللغة: العزم⁣(⁣١)، ومنه قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}⁣[يونس: ٧١]، أي: اعزموا، ومنه قوله ÷: «لا صيام لمن لم يجمع⁣(⁣٢) الصيام من الليل» أي: لم يعزم ويقطع بالنية. والاتفاق أيضاً، ومنه قولهم: أجمع القوم على كذا، أي: اتفقوا عليه⁣(⁣٣).

  (وهو) في اصطلاح أهل الشرع نوعان: (عام) للأمة (وخاص⁣(⁣٤)) ببعضها (الأول: اتفاق المجتهدين من أمة محمد ÷ بعده في عصر على أمر) فقوله: «اتفاق المجتهدين» يشمل اتفاقهم اعتقاداً وقولاً وفعلاً وسكوتاً


(قوله): «الإجماع في اللغة العزم ... إلخ» يعني أنه يطلق في اللغة على معنيين: الأول: العزم، والثاني: الاتفاق كما يأتي، فمن الأول قوله ÷: «لا صيام لمن لم يجمع الصيام» قال في المصباح: أجمعت المسير والأمر وأجمعت عليه - يتعدى بنفسه وبالحرف -: عزمت. انتهى. فمقتضى ما في المصباح أن يجمع بسكون الجيم والميم مخففة، من أجمع. ومن المعنى الثاني - وهو الاتفاق - قولهم: أجمع القوم على كذا ... إلخ. الذي في شرح الجوهرة: الإجماع في اللغة الاتفاق والانضمام، ومنه: أجمع إذا انضم إليه غيره فصار ذا جمع، كما يقال: أتمر إذا صار ذا تمر، وألبن إذا صار ذا لبن، قال: هكذا ذكره الرازي. ثم قال: والأظهر من جهة اللغة أن المراد الاتفاق على أمر من الأمور، وأن ذلك لا يستعمل مطلقاً، بل لا بد من إضافته إلى أمر من الأمور. انتهى

إذا عرفت هذا فالمؤلف # اختار ما رجحه في شرح الجوهرة من الإضافة إلى أمر؛ فلذا قال: أجمع القوم على كذا ولم يقل: أجمعوا أي صاروا ذوي جمع، وهذا هو الاتفاق اللغوي، وهو ما يكون بين اثنين فصاعداً.


(١) لفظ الفصول وشرحه النظام للجلال: باب الإجماع، هو لغة: العزم والاتفاق، يريد أنه من أفعل للصيرورة إذا كان لازماً نحو أجمع القوم، أي: صاروا ذوي اجتماع، وللتعدية إذا كان متعدياً نحو: أجمعوا أمركم، أي: اجعلوه ذا اجتماع، فإذاً هو من الاجتماع، وهو التوافق لا غير، وأما العزم فهو الجعل الذي هو مدلول الهمزة، ومنه: «لا صيام لمن لم يجمع الصيام» يعني يجمع أول النهار وآخره بالنية، ومن ذلك توهم أن العزم من مدلولاته. اهـ في القاموس: إن العزم من مدلولاته، فينظر.

(٢) ضبط في بعض النسخ بضم الياء وتشديد الميم، وعليه ما لفظه: مقتضى هذا الضبط في النهاية باعتبار مصدره. (من خط سيلان).

(٣) في شرح الإسنوي بعد هذا الكلام ما لفظه: مأخوذ مما حكاه أبو علي الفارسي في الإيضاح أنه يقال: أجمعوا بمعنى صاروا ذوي جمع، كقولهم: أبقل المكان وأثمر أي صار ذا بقل وثمر.

(٤) سمي خاصاً لاختصاصه ببعض الأمة لا بكلها، فالخاص هنا بمعنى الاختصاص لا بمعنى الأخص؛ فإن الأخص ما اعتبر فيه قيد زائد كإجماع الأمة فتأمله. (من خط الطبري معلقاً على شرحه للكافل).