هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في بيان حجية تقريراته ÷]

صفحة 85 - الجزء 2

  وتقريراً، ويخرج المقلد؛ إذ لا يعتبر على الأصح مخالفة ولا موافقة.

  وقوله: «من أمة محمد ÷» يخرج المجتهدين من أرباب الشرائع السالفة⁣(⁣١). وأما الإيمان ففي اشتراطه خلاف تطلع عليه قريباً⁣(⁣٢) إن شاء الله تعالى.

  وقوله: «بعده» يخرج اتفاقهم في عصره؛ لأنه إن وافقهم فالحجة قوله أو تقريره، وإن خالفهم فلا اعتبار بقولهم دونه⁣(⁣٣).

  وقوله: «في عصر» يعني أي عصر⁣(⁣٤)، فيندرج فيه اتفاق مجتهدي كل عصر، ولو لم يُذكر لأوهم أنه لا ينعقد إلا باتفاق مجتهدي كل الإعصار إلى يوم القيامة؛ لعموم لفظ المجتهدين. ويفهم منه ما هو المختار من عدمِ اشتراط انقراض العصر، وجوازِ انعقاده بعد الخلاف كما يجيء إن شاء الله تعالى.

  وقوله: «على أمر» يشمل الديني كالصلاة والزكاة والدنيوي كتدبير الجيوش والحروب وأمور الرعية، والعقلي الذي لا تتوقف صحته عليه⁣(⁣٥)، والأول متفق عليه، والآخران مختلف فيهما⁣(⁣٦)، وسيأتي بيان ذلك قريباً⁣(⁣٧) إن شاء الله تعالى.


(قوله): «ويخرج المقلد إذ لا يعتبر على الأصح» سيأتي إن شاء الله تعالى بيان المخالف واستيفاء البحث في ذلك في المسألة الخامسة.

(قوله): «وأما الإيمان» الذي هو فعل الطاعات واجتناب المقبحات.

(قوله): «وإن خالفهم فلا اعتبار» يقال: المخالفة منهم له ÷ لا تتصور؛ لعصمتهم عن الخطأ.

(قوله): «الذي لا تتوقف صحته» أي: الإجماع، كرؤية الباري ونفي الشريك، وسيأتي الكلام في ذلك، وأما الذي تتوقف حجية الإجماع عليه كوجود الباري تعالى وصحة الرسالة ودلالة المعجزة فلا يصح التمسك بالإجماع فيه لئلا يلزم الدور.


(١) فليس حجة على الأصح، وعلى القول بأنه حجة فالكلام فيما هو حجة الآن، وتلك حجة انقرضت. (من شرح أبي زرعة على الجمع).

(٢) في مسألة بيان من يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر.

(٣) بعد إحالة الخطأ عليهم لا يمكن مخالفتهم إياه، فلا فرق بين عصره وبعده، والله أعلم.

(٤) قل أو كثر. (عضد).

(٥) قوله: «الذي لا تتوقف صحته» أي: الإجماع «عليه» يعني العقلي.

(٦) وسيأتي له حكاية الاتفاق في الديني مطلقاً سواء كان شرعياً أو عقلياً لا تتوقف صحته عليه أو لغوياً فيحقق، والله أعلم.

(٧) في مسألة التمسك بالإجماع فيما لا يترتب عليه.