[مسألة في بيان ثبوت الإجماع والعلم به ونقله]
  وبعض الروافض إلى امتناعه، وإليه أشار(١) بقوله: (قيل: محال(٢)) واحتجوا أولاً: بأن اتفاقهم على حكم فرع تساويهم في نقل ذلك الحكم إليهم، وهو ممتنع (لانتشارهم) في مشارق الأرض ومغاربها (فيمتنع نقل الحكم إليهم عادة) وإذا امتنع الأصل امتنع الفرع؛ لأن الموقوف على المحال محال.
  (ورد) ما احتجوا به (بالمنع) أي: لا نسلم أن الانتشار يمنع النقل عادة، إنما يمتنع ذلك عادة فيمن قعد في قعر بيته لا يبحث ولا يطلب، وليسوا كذلك (لجدهم) في الطلب (و) قوة (بحثهم) عن الأدلة(٣) والأحكام.
  وأيضاً لا نسلم أن اتفاقهم في نفس الأمر فرع تساويهم في نقل الحكم إليهم؛ لإمكان الاتفاق بدون النقل المذكور(٤). نعم، علمهم باتفاقهم فرع النقل المذكور،
(قوله): «وقوة بحثهم عن الأدلة والأحكام» اقتصر في شرح المختصر على الأدلة، والمؤلف # زاد الأحكام لأن الكلام هنا في نقل الحكم.
(قوله): «فرع تساويهم في نقل الحكم إليهم» يعني في نقله عن بعض منهم إلى بعض.
(قوله): «لإمكان الاتفاق بدون النقل» بأن يتوافق اجتهادهم من القرآن على وجوب شيء مثلاً بدون نقل من بعضهم إلى بعض.
(قوله): «نعم علمهم باتفاقهم فرع النقل المذكور» لأن طريق العلم بالاتفاق على الحكم هو النقل إلى كل واحد منهم، وأما توافقهم على وجوب شيء مثلاً من القرآن فليس طريقاً إلى العلم بالاتفاق.
(١) في (أ، ج، د): وإليه الإشارة.
(٢) قال الإمام عزالدين بن الحسن # في آخر جواب على سؤال في العتق في فتاويه الكبرى ما لفظه: نكتة: ثبوت الإجماع في نفس الأمر ونقله بطريق واضحة من أصعب الأمور، ومما لا يكاد يمكن ولا يتهيأ؛ لانتشار الأمة وكون أكثر علمائها لا يطرق ذكره سمع أهل الزمان فضلاً عن أن يعلم قوله في المسألة التي يدعى عليها الإجماع، وما الإجماع إلا اسم بلا مسمى وأمر خيالي لا حقيقة له، وقد أودعنا رسائلنا ومصنفاتنا شيئاً من هذا المعنى ما يشفي القلوب الحواير ويجلو الغشا عن أهل البصائر، وإن ما يقضي منه العجب مبالغة بعض العلماء والمصنفين في دعاوى الإجماع واستسهالهم لذكره وتهاونهم بأمره، وهو سبيل[١] نيل السماء دون مناله، ولا سبيل إليه ولا طريق يدل عليه، والله أعلم.
(٣) يقال: إن الجد والبحث وإن استلزما مطلق الاطلاع لا يستلزمان الاطلاع تواتراً، والآحاد لا تستلزم الموافقة؛ لاختلاف الآراء فيها كما سيأتي. (جلال).
(٤) بأن يعرفوا الحكم من الكتاب وهو متواتر ويتفقوا عليه.
[١] في فتاوى الإمام عز الدين: وهو شيء.