[مسألة في بيان ثبوت الإجماع والعلم به ونقله]
  وهو غير النزاع.
  (قيل) في الاحتجاج على امتناعه ثانياً: بأنه لو وقع لكان عن مستند لما يجيء إن شاء الله تعالى، وحينئذ (مستنده إما قاطع فيجب نقله عادة) لأن العادة تحيل عدم نقله؛ لتوفر الدواعي على نقله واستحالة تواطؤ الجمع الكثير على إخفائه، فلو كان لَنُقِلَ، ولَمَّا لم ينقل علم أنه لم يوجد (أو ظني فيمتنع الاتفاق عنه عادة) لاختلاف القرائح وتباين الأنظار، كما أنها تحيل اتفاقهم على أكل نوع من الطعام معين في وقت واحد، ولا ثالث للقطعي والظني بالاتفاق.
  (ورد بالمنع) لما ذكر في الطرفين، فلا نسلم وجوب نقل المستند القاطع عادة (إذ قد يستغنى به) أي: بالإجماع (عن) نقل (القاطع) لأنه أقوى(١) منه؛ لعدم احتماله النسخ بالذات، ولارتفاع الخلاف المحوج إلى نقل الأول(٢).
(قوله): «وهو غير النزاع» إذ النزاع في إمكان اتفاقهم في نفس الأمر، وقد حصل بتوافقهم في الاجتهاد.
(قوله): «ولما لم ينقل علم أنه لم يوجد» كيف ولو نقل لأغنى عن الإجماع؟
(قوله): «على أكل نوع من الطعام معين» كاتفاقهم على أكل الزبيب الأسود في زمان واحد فإنه معلوم الانتفاء بالضرورة، وما ذاك إلا لاختلاف الدواعي.
(قوله): «لعدم احتماله النسخ» هكذا ذكره السعد، وزاد المؤلف # بالذات إشارة إلى الجواب عن اعتراض السعد المذكور في الجواهر حيث قال: اعلم أنه نقل عن السعد في هذا المقام أنه قال: وفيه بحث، وهو أن الدليل القطعي أيضاً لا يحتمل النسخ بعد وفاة النبي ÷ فلا يلزم كون الإجماع أقوى.
ثم قال: ولقائل أن يقول: الإجماع لا يحتمل النسخ بالذات، والقطعي لا يحتمله بالعرض[١]، ومعلوم أن ما لا يحتمل النسخ بالذات أقوى مما لا يحتمله بالعرض، فيكون الإجماع أقوى من سنده القطعي. انتهى
(قوله): «ولارتفاع الخلاف» عطف على قوله: «لأنه أقوى».
(١) وفي هذا السند - وإن كان الكلام عليه لا يضر - غفلة بينة؛ لأن الاستغناء بالإجماع فرع العلم بوقوعه وحجيته، وهما محل نزاع[٢] الخصم، ولأن الاطلاع على قطعي الكتاب والسنة أقرب من الاطلاع على قطعي الإجماع؛ إذ يكفي فيهما التواتر إلى واحد، ولا يكفي فيه إلا إلى كل واحد، فكيف يطلع المجتهد على الأبعد دون الأقرب؟ ولو قدر أن الأمة جحدت المستند القاطع مع وجوب تبليغه عليهم لكانوا قد أجمعوا على ضلال. (من شرح المختصر للجلال).
(٢) عبارة العضد: إلى نقل الأدلة.
[١] وهو كونه بعد وفاته ÷. (منه ح).
[*] - لفظ الجواهر: والدليل القاطع بعد وفاة النبي ÷ لا يحتمل النسخ بالعرض.
[٢] ثم الموجب لنقل القاطع ليس هو نفس الحاجة إلى دفع الخلاف به، بل نفس ضروريته من الدين التي لا يمكن خفاؤها على مسلم فضلاً عن مجتهد. (عصام المحصلين).