هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في بيان ثبوت الإجماع والعلم به ونقله]

صفحة 89 - الجزء 2

  (و) لا نسلم امتناع الاتفاق عن الظني عادة؛ إذ (قد يكون) الظني (جلياً⁣(⁣١)) فتتوافق القرائح فيحصل الاتفاق⁣(⁣٢).

  والقياس على أكل طعام معين في وقت واحد بعيد؛ لعدم الصارف⁣(⁣٣) ثمة، بخلاف ما نحن فيه لوجود الصارف، وهو الأمارة.


(قوله): «لعدم الصارف» عن افتراقهم وعدم اجتماعهم على أكل طعام معين، فلهذا افترقوا؛ إذ لا محذور في الافتراق.

و (قوله): «بخلاف ما نحن فيه لوجود الصارف» يعني الصارف لهم عن الافتراق وعدم الاجتماع، وهو وجود الأمارة⁣[⁣١] التي هي مستند الإجماع.


(١) والجلي ما لا يختلف فيه، بل يؤدي إلى اجتهاد الكل بالنظر فيه إلى حكم واحد، والخفي بخلافه. (منتخب من النقود والردود).

(*) لا يمتنع الاتفاق على مدلوله، وهذا ليس بشيء أيضاً؛ لأن الظن لا ينحصر في خفاء الدلالة؛ لجواز كون الدلالة واضحة مع ظنية السند لكونه آحاداً، وقد علم الخلاف في أخبار الآحاد وشروطها وشروط رواتها وأسباب الجرح والتعديل وغير ذلك بحيث يستحيل عادة الإجماع على شيء من تلك المسائل. وإن أريد بواضح الدلالة متواتر السند فهو الأول، وفيه ما عرفت. (جلال على المختصر).

(٢) واختلاف القرائح والأنظار إنما يمنع الاتفاق فيما يدق ويخفى مسلكه⁣[⁣٢]. (عضد).

(*) عبارة التحرير لابن الهمام وشرحه في سياق رد دليل المحيل ما لفظه: مع ظهور الفرق بين الفتوى بحكم وبين اشتهاء طعام واحد وأكله للكل؛ لعدم الجامع؛ لاختلافهم في الدواعي المشتهية باختلاف الأمزجة، بخلاف الحكم الشرعي فإنه تابع للدليل، وقد تكون بعض الأدلة بحيث تقبله الطبائع السليمة كلها لوضوحه.

(٣) قوله: «لعدم الصارف» وقوله: «لوجود الصارف» ظنن بالداعي في الموضعين. (من حاشية قال فيها: من خط المتوكل على الله إسماعيل | في نسخته من شرح الغاية).

(*) لعله يريد لعدم ما يصرف في مثال الاتفاق على أكل النوع المعين من طعام معين في وقت واحد عن إحالة الاتفاق على أكله؛ إذ لم توجد أمارة تصرف عن إحالته، بل وجدت أمارة إحالة الاتفاق، وهي اختلاف الطبائع والشهوات مع سلامتها عن المعارض، بخلاف ما نحن فيه فإنه وجد الصارف عن إحالة الاتفاق، وهو القرينة والأمارة على حصول الاتفاق وإمكانه، أعني المستند الظني الجلي، فتأمل. (عن خط البرطي).

(*) وفي شرح المحلي على الجمع ما لفظه: وأجيب بأن هذا لا جامع لهم عليه؛ لاختلاف شهواتهم ودواعيهم، بخلاف الحكم الشرعي؛ إذ يجمعهم عليه الدليل.


[١] وإذا كان كذلك فلا قياس مع الفارق. (ح).

[٢] في المطبوع: مسلكاً. والمثبت من العضد.