هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[مسألة في بيان ثبوت الإجماع والعلم به ونقله]

صفحة 91 - الجزء 2

  (قلنا) في الجواب عما ذكروه: هذا الاحتجاج (تشكيك⁣(⁣١)) لأنه مصادم للضرورة (فإنا نعلم قطعاً من السلف⁣(⁣٢) الإجماع على تقديم) الدليل (القاطع على) الدليل (المظنون⁣(⁣٣)) وعلى أن المشرك لا يغفر له.

  وقد أجيب عنه بأن هذه الاحتمالات منتفية في أيام الصحابة؛ لأنهم كانوا


(قوله): «الإجماع على تقديم القاطع ... إلخ» قال الإمام الحسن # في القسطاس: وأنت خبير بأنه لا يسلم أنه ثبت ذلك بالنقل عنهم، ولكن أنا نعلم أن كل عاقل يقول ذلك كما نعلم أن كل عاقل يعلم أن الكل أعظم من الجزء؛ ولذا قال بعض المحققين من شراح الفصول: بحيث لو عمل عامل على المظنون وترك المعلوم لعد مجنوناً.

(قوله): «وقد أجيب عنه» أي: عن استدلال المخالف بجواب غير الأول.


(١) وهل هذا إلا مثل الشبه العارضة⁣[⁣١] في الضروريات، فإنا مع تلك الاحتمالات نعلم الإجماع قطعاً، ومثل تلك الاحتمالات يجري في العلوم العادية على ما مر في تفسير العلم ولا يقدح في كونها من أقسام العلم. (ملا باختصار يسير).

(٢) ليس المراد إثبات تقديم القاطع على الظني بالإجماع حتى يقال: ثبت بضرورة العقل، وإنما المراد تمثيل فرد من أفراد الإجماع علم ضرورة عنهم، وذلك إجماعهم على تقديم القاطع على المظنون، وإجماعهم على أن المشرك لا يغفر له، والله أعلم، لكن تقديم القاطع على الظني إذا كان مما علم بالضرورة لم يكن مما نحن فيه؛ لأن الكلام في اتفاقهم على حكم واحد غير معلوم بالضرورة.

(٣) أما تقديم القاطع على الظني فيثبت بضرورة العقل، بحيث لو عمل عامل على المظنون وترك المعلوم لعد⁣[⁣٢] مجنوناً. (نظام فصول). ومعناه في المنهاج. وفيه نظر، يوضحه قول ميرزاجان في حاشيته: لا يرد أن هذا مما علم من الدين ضرورة وفي مثل هذه الصورة لا يحتاج إلى الإجماع؛ لأن المقصود العلم بتحقق الإجماع في الجملة. نعم، لو كان المطلوب إثبات جواز تعلق العلم بالإجماع فيما لا حجة فيه غيره لكان وارداً، أقول: لكنه يبقى الكلام في كون هذا الجواب لا يدفع الشبهة عن المقام الثالث؛ إذ علم المجتهد بأنهم قدموا القاطع على الظني لم يحصل على هذا التقدير بالنقل إليهم؛ فلا يصح قوله - أي: العضد -: وما ذلك إلا بثبوته عنهم وبنقله إلينا.

نعم، يمكن أن يقال: لا حاجة إلى المقام الثالث للكل؛ إذ يجوز أن يكون من علم الإجماع منهم هو المجتهد الذي يحتج به، وحينئذ لم يحتج إلى المقام الثالث ويكفي ثبوت المقام الثاني. (ميرزاجان).


[١] في حاشية ملا ميرزاجان: الشبه القادحة.

[٢] في المطبوع: يعد. والمثبت من هامش (ب) ونظام الفصول.