هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في حجية الإجماع]

صفحة 93 - الجزء 2

  (وهو) أي: هذا الاحتجاج (أيضاً تشكيك) لمصادمته الضرورة؛ إذ يعلم قطعاً من الصحابة والتابعين بالتواتر الذي لا شبهة فيه الإجماع على تقديم القاطع على المظنون وعلى أن المشرك لا يغفر له⁣(⁣١) (على أنه) يكتفى في نقل الإجماع بالآحاد و (لا يشترط التواتر في نقله على الأصح) واشترطه الغزالي وبعض الحنفية.

  لنا: أنه (كالسنة) ومنها ظني الدلالة، وظني الدلالة منها المنقول آحاداً يجب العمل به قطعاً، فالإجماع القطعي الدلالة المنقول كذلك أولى في وجوب العمل به؛ لأن الأول ظني، واحتمال الضرر في مخالفة المقطوع أكثر من احتماله في مخالفة المظنون، فإذا ثبت وجوب العمل بالمظنون دلالة وسنداً فثبوته بالمقطوع دلالة أولى.

  وأما الظني⁣(⁣٢) من الإجماع فكالسنة سواء⁣(⁣٣).

  قالوا: يبعد اطلاع الواحد على إجماعهم دون غيره كما نقل عن أحمد، فلا يفيد ظناً.

  قلنا: ممنوع، بل وِجْدانُ الظن من نقل آحاد التابعين لإجماعات الصحابة واقع قطعاً كوجدانه من نقلهم للأخبار.

[الكلام في حجية الإجماع]

  مسألة: (وهو حجة) شرعية عند أكثر المسلمين، خلافاً للنظام⁣(⁣٤) وبعض الخوارج⁣(⁣٥)، والإمامية وإن حكي عنهم الوفاق على كونه⁣(⁣٦) حجة فليس لكونه


(١) هذا الإجماع من السلف على التقديم للقاطع وعلى عدم المغفرة للمشرك لنص القرآن، فالإجماع على نصوص القرآن ليس مما نحن فيه، كحل البيع وتحريم الربا.

(٢) مثل الإجماع السكوتي.

(٣) بل لا يبعد أن يقال: الإجماع نفسه أقوى؛ لاحتمال السنة النسخ دون الإجماع. (منه).

(٤) لا معنى لخلاف النظام في حجيته مع قوله بعدم إمكانه. اهـ وفي حاشية: هذا لا ينافي ما تقدم من نسبة امتناع إمكانه إلى النظام؛ لأنه يستلزم نفي الإمكان، فيكون ذكر الخلاف هنا تصريحاً به في الطرفين. اهـ وقد تقدم في الحواشي ما يندفع به الاعتراض فتأمل.

(٥) قال في الفصول: ولا اعتداد بمن قال: ليس بحجة مطلقاً كالإمامية والنظام والخوارج. وجعل الجميع قولاً واحداً، وقال في الهامش: قال ابن زيد: الإجماع عند الإمامية ليس بحجة إلا إذا كان فيهم الإمام فحجة، أي: قد يحصل الاتفاق بينهم على حكم مخالف لما يقوله المعصوم عندهم فلا يكون حجة إلا إذا كان موافقاً. قال الديلمي: وسبب منعهم حجية الإجماع أن قواعد اعتقادهم أكثرها تخالف الإجماع، وعرفوا أنهم لو قالوا به لزمهم حجة الإجماع، فنفوا كونه حجة ليكونوا مطلقين في الأحكام. (من خط العلامة أحمد بن عبدالله الجنداري).

(٦) في المطبوع: على أنه حجة.