هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيما اتفق عليه أهل المدينة من الصحابة والتابعين]

صفحة 144 - الجزء 2

  (و) قالوا في الاحتجاج على حجية إجماع المدينة ثانياً: قال رسول الله ÷: («إنما المدينة كالكير» ... الخبر) أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي عن جابر بن عبدالله، ولفظه: «إنما المدينة كالكير تنفي⁣(⁣١) خبثها وتنصع⁣(⁣٢) طيبها (ونحوه) قوله ÷: «المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان وأرض الهجرة ومبوأ الحلال والحرام» أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة.

  قلنا: ما ذكرتموه من الأحاديث (غير مفيد) للمطلوب؛ لأنه إنما يدل على فضلها؛ لما علم من وجود الباطل فيها كالفسوق والمعاصي⁣(⁣٣)، ولا دلالة على


(قوله): «إنما المدينة كالكير ... إلخ» هذا من الأدلة المزيفة عند ابن الحاجب لما ذكره المؤلف.

(قوله): «وتنصع طيبها» في مشارق الأنوار: الكير هو زق الحداد ينفخ به. تنفي بتخفيف الفاء، وروي بتشديد القاف من التنقية. خبثها: هو بالفتحات، وروي بضم الخاء ساكن الباء: خلاف الطيب، والمراد به هاهنا من لا يليق بالمدينة. وتنصع: بالنون والصاد المهملة من باب التفعيل أو الإفعال، معناه تخلص وتميز. طيبها: بتشديد الياء وفتح الباء.


(١) الرواية المشهورة بالفاء، وقد تقدمت⁣[⁣١]، وقد جاء في رواية بالقاف، فإن كانت مخففة فهو من استخراج المخ، أي: تستخرج خبثها، وإن كانت مشددة فهو من التنقية، وهي إفراد الجيد من الردي. (نهاية من مادة النون مع القاف).

(٢) قال البرماوي: بالصاد والعين المهملتين، وأول الفعل مثناة من تحت. وطيبها بالتشديد مرفوع بالفاعلية على المشهور، ويروى بالنصب، فتنصع بمثناة من فوق والفاعل ضمير المدينة، لكن قال القزاز: لم أجد لتنصع⁣[⁣٢] في الطيب وجهاً، وإنما وجه الكلام يتضوع طيبها، أي: يفوح، ويروى: تنضخ، بمعجمتين. وفي النهاية في مادة النون مع الصاد: فيه: المدينة كالكير ... إلخ، تنصع أي: تخلصه، وشيء ناصع: خالص، وأنصع: أظهر ما في نفسه، ونصع الشيء ينصع إذا وضح وبان، ويروى ينصع طيبها [أي: يظهر]⁣[⁣٣] ويروى بالباء والضاد المعجمة، وقد تقدم. (نهاية). قال في المتقدم بعد ذكر هذه الرواية: كذا ذكره الزمخشري وقال: هو من أبضعته بضاعة إذا دفعتها إليه، يعني أن المدينة تعطي طيبها ساكنها. [والمشهور بالنون والصاد المهملة]⁣[⁣٣] وقد روي بالضاد والخاء المعجمتين، وبالحاء المهملة من النضخ والنضح، وهو رش الماء.

(٣) قال إمام الحرمين: ولو يطلع مطلع على ما يجري بين لابتيها من المخازي لقضى العجب. (أسنوي).


[١] قال في تفسير ذلك: أي: تخرجه منها، وهو من النفي، وهو الإبعاد عن البلد، يقال: نفيته أنفيه نفياً إذا أخرجته عن البلد وطردته.

[٢] في شرح ألفية البرماوي: لنصع.

[٣] ما بين المعقوفين من النهاية، في الموضعين.