هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف أصول الفقه]

صفحة 92 - الجزء 1

  وذكر الصحيح - وهو المشتمل على شرائطه⁣(⁣١) مادة وصورة - لإخراج الفاسد⁣(⁣٢) لأنه لا يمكن التوصل به إلى مطلوب خبري؛ إذ ليس هو⁣(⁣٣) في نفسه سبباً للتوصل ولا آلة له، وإن أفضى إليه نادراً فاتفاقي⁣(⁣٤).

  وتقييد المطلوب بالخبري لإخراج القول الشارح⁣(⁣٥)، ولو قيد بالتصوري


(قوله): «مادة» أي: بالنظر إلى المادة، ومادة الشيء: ما يحصل الشيء به بالقوة، كمقدمات البرهان، وسيأتي.

(قوله): «وصورة» صورة الدليل: هيئته الخاصة الحاصلة من ترتيب المقدمات على الصفة المعتبرة كما في الأشكال الأربعة، وسيأتي ذلك.

(قوله): «إذ ليس هو في نفسه سبباً للتوصل ولا آلة له» هكذا عبارة الشريف، أي: ولا آلة للتوصل إلى مدلول خبري، وفائدة زيادة هذا القيد في عبارته الإشارة إلى ما عليه الأشاعرة من أن حصول النتيجة عن الدليل بطريق العادة، ولا استلزام للمطلوب ذاتياً ولا سببية؛ إذ لا مؤثر إلا الله، وقد ذكر هذا في شرح المختصر في بحث الدليل، فيكون المعنى في عبارته: ولا آلة لحصول العلم بخلق الله له عادة عند استجماع شرائط الدليل، فهذا القيد يناسب ما بنوا عليه، والمختار أن حصول النتيجة⁣[⁣١] عقيب الدليل مكتسب عن النظر الصحيح في المقدمتين، فهو السبب في حصوله، ولاستيفاء الكلام محل آخر، والله أعلم.

(قوله): «وإن أفضى إليه نادراً فاتفاقي» وذلك كالعالم فإنه دليل على الصانع، ولا يمكن التوصل به إلى المطلوب بالنظر الفاسد، أما صورة فظاهر، وأما مادة فبأن لا يكون النظر في وجه الدلالة على المطلوب كما في قولنا: العالم بسيط وكل بسيط له صانع؛ إذ ليست البساطة مما ينتقل الذهن منها إلى ثبوت الصانع، وإن أفضى إليه في الجملة فاتفاقي كما في العالم، ذكره في الحواشي.


(١) وهو ترتيب مقدمات الدليل على الوجه الذي يدل.

(٢) النظر الفاسد ما لا تكمل فيه شرائط المقدمتين، كما لو ركب من الشكل الأول قولنا: لا شيء من الإنسان بحجر، وكل حجر جسم، فإن هذا مختل من جهة الصورة؛ لعدم إيجاب الصغرى. وإما مادة كما في قولنا: العالم بسيط، وكل بسيط له صانع، فصورة هذا الدليل صحيحة، لكن مادته فاسدة؛ إذ ليست البساطة مما ينتقل الذهن منه إلى ثبوت الصانع، وإنما ينتقل إلى الثبوت من الحدوث.

(٣) في المطبوع: إذ هو ليس.

(٤) كقولنا: هذا الجدار إنسان، وكل إنسان جسم، فإن هذا موصل إلى قولنا: هذا الجدار جسم، وهذه النتيجة صادقة لا كاذبة، وهو ظاهر، فهذا القياس الذي فسدت مادته أوصل إلى نتيجة حقة. (شريف على العضد).

(٥) قد جرت عادة المنطقيين بأن يسموا الموصل إلى التصور قولاً شارحاً، أما كونه قولاً فلأنه في الأغلب مركب، والقول يرادفه، وأما كونه شارحاً فلشرحه وإيضاحه ماهيات الأشياء. والموصل إلى التصديق حجة؛ لأن من تمسك به استدلالاً على مطلوبه غلب على الخصم، من حج يحج، إذا غلب. (قطب).


[١] وهو ما ذهب إليه المعتزلة. (ح).