هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيمن يعتبر في الإجماع ومن لا يعتبر، وما يشترط فيه وما لا يشترط]

صفحة 176 - الجزء 2

  حنبل (للعموم) المعلوم من الأدلة القاضية بأن الإجماع حجة.

  (و) احتج المخصصون بأن اعتبار إجماع غير الصحابة فيه (لزوم مخالفة إجماعهم على جواز الاجتهاد فيما لا قاطع فيه) وذلك باطل إجماعاً⁣(⁣١)، وبيانه: أنه انعقد إجماع الصحابة قبل مجيء التابعين وغيرهم فيما لا قاطع فيه من الأحكام أنه يجوز فيه الاجتهاد، فلو اعتبر إجماع غيرهم بعدهم في شيء منها لم يجز فيه الاجتهاد إجماعاً⁣(⁣٢).

  والجواب: أن ما ذكرتموه (منقوض بجريه فيهم بعد إجماعهم على جواز الاجتهاد) فيما لا قاطع فيه، فلو صح ما ذكرتم لوجب أن لا يجوز إجماعهم في شيء منها⁣(⁣٣)، واللازم باطل بالاتفاق (والحق أنها) يعني مسألة إجماعهم على جواز الاجتهاد في مسائل الخلاف قضية (عرفية)⁣(⁣٤) وهي التي يحكم فيها


(قوله): «منقوض بجريه فيهم» أي: في الصحابة، يعني لو صح ما ذكرتم لزم أن لا يصح إجماع الصحابة على شيء من المسائل المختلف فيها؛ لأنهم قد أجمعوا على جواز الاجتهاد فيها، فلو أجمعوا على شيء منها لزم بطلان الإجماع الأول.

(قوله): «بعد إجماعهم» في شرح المختصر: قبل تحقق إجماعهم، واعترضه في الحواشي بأن الأولى أن يقال: بعد تحقق إجماعهم؛ فلذا عدل المؤلف # عن عبارة شرح المختصر.


(١) لأنه يقابل الإجماع.

(٢) لأنه يقابل الإجماع، بيانه: أنه بعد الإجماع الأخير لم يجز فيه اجتهاد، والفرض جواز الاجتهاد فيما لا قاطع فيه.

(٣) أي: من الأحكام التي لا قاطع فيها.

(٤) أي: عامة، قال في التحرير وشرحه: والجواب: أن الصحابة أجمعوا على مشروطة عامة، أي: كل ما لا قاطع فيه جائز الاجتهاد ما دام لا قاطع فيه، فجواز الاجتهاد في غير زمان وجود القاطع فيه، وعدم جوزاه في زمانه، فلا تناقض، وعند انعقاد الإجماع على أحد طرفي ما لم يكن فيه قاطع يتحقق فيه قاطع. اهـ اختلف كلام المؤلف وكلام التحرير وشرحه هنا، ولا يخفى أن جعلها عرفية عامة⁣[⁣١] كما فعله المصنف أولى من جعلها مشروطة عامة كما قال في التحرير وشرحه؛ لاتصاف النسبة في الأول بالدوام المقتضي لعدم انفكاك ما لا قاطع فيه عن جواز الاجتهاد، واتصافها في الثاني بالضرورة المقتضية لاستحالة انفكاكه عن جوازه كما عرف في المنطق، والمناسب الأول لا الثاني كما لا يخفى.


[١] القضية العرفية العامة أعم من القضية المشروطة العامة مطلقاً؛ لأنه كلما صدقت الضرورة بحسب الوصف صدق الدوام بحسبه؛ إذ الدوام أعم كما عرفته في المنطق.