هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في مستند الإجماع]

صفحة 188 - الجزء 2

  أو خفياً، وهذا رأي داود الظاهري وأتباعه والإمامية⁣(⁣١) وابن جرير الطبري⁣(⁣٢).

  (و) منها: المنع (للخفي) أي: لصدور الإجماع عن القياس الخفي دون الجلي فهو جائز، وهذا قول بعض الشافعية.

  (و) منها: المنع (للوقوع) لصدور الإجماع عنه دون الجواز.

  (و) منها: المنع (للحجية) أي: لكون الإجماع الصادر عن القياس حجة، فتجوز مخالفته، حكى هذا القول قاضي القضاة عن الحاكم صاحب المختصر.

  (لنا) حجة فيما اخترناه - وهو ثلاثة أمور⁣(⁣٣): وجوب السند، وجواز كونه قياساً، ووقوعه عن قياس - حجة الأمر الثاني (القطع بالجواز) لأنه لو فرض وقوعه عن القياس لم يلزم منه محال، وذلك (كغيره) من الأمارات مثل خبر الواحد والمتواتر الظني الدلالة؛ إذ لا مانع يقدر إلا كونه مظنوناً.

  (و) حجة (الوقوع) قوله: (كإجماعهم على حد الشارب) فإنه أثبته علي


(قوله): «صاحب المختصر» على مذهب أبي حنيفة، وهو أبو الفضل المروزي من الحنفية، وهو معاصر للحاكم أبي سعد⁣[⁣١] صاحب شرح العيون، ذكره في حواشي الفصول.

(قوله): «لنا حجة» لعل «حجة» مبتدأ خبره قوله: «لنا» في عبارة الشرح، وأما في المتن فقوله: لنا خبر قوله: القطع، ولو نصب «حجة» وكان قوله: «لنا» خبر «القطع» لم يستقم ذلك في الشرح؛ لأن القطع في الشرح خبر قوله: حجة الأمر الثاني، فالعبارة لا تخلو عن قلق.

(قوله): «على حد الشارب» لعله أراد على إثبات تقدير⁣[⁣٢] حد الشارب؛ إذ إثباته كان في زمن النبي ÷؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس: جلد النبي ÷ في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبدالرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر، وقد استوفى الكلام في ذلك في شرح الفتح.

(قوله): «فإنه أثبته علي كرم الله وجهه» حديث علي كرم الله وجهه أخرجه مالك والشافعي عن ثور بن يزيد الديلي⁣[⁣٣]، وهو منقطع⁣[⁣٤]، لكن وصله الحاكم من وجه عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، لكن قد عرفت ما ثبت في الصحيحين.


(١) بناء على أصلهم في نفي القياس.

(٢) قال السبكي: وهو غريب؛ لأنه من القائلين بالقياس. (من رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب له).

(٣) بل أربعة، الرابع: كونه حجة، وسيأتي استدلال المخالف عليه.


[١] ينظر، فإن الراوي عنه قاضي القضاة، وهو - يعني قاضي القضاة - أقدم من الحاكم بكثير فتأمل. (ح عن خط شيخه بزيادة يسيرة).

[٢] ظاهر كتب الفن أن الإجماع على نفس الحد لا على تقديره فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٣] في المطبوع: الديلمي. وهو تصحيف.

[٤] بل قد وصله أبو داود في سننه عن عبدالرحمن بن أزهر آخر حديث عنه ما لفظه: وقال عليٌّ: إن الرجل إذا شرب افترى. (ح عن خط شيخه).