[مسألة في الخلاف في اختلاف أهل العصر الأول على قولين واتفاق من بعدهم على أحدهما]
  كالنجوم ..» الحديث، [فإنه(١)] يقتضي جواز الأخذ بأي القولين سواء حصل إجماع بعد أو لم يحصل.
  ومنها: أن أهل العصر الثاني بعض الأمة فلا يكون اتفاقهم حجة.
  ومنها: أنه لو كان حجة لكان لدليل، وأنه باطل، وإلا لما خفي على العصر الأول.
  ومنها: أنه لو كان حجة لكان قول إحدى الطائفتين بعد موت الأخرى كذلك.
  والجواب عن الأول: بأن الاقتداء بأيهم للمقلدين(٢)، وإلا لزم أن يكون قول كل واحد منهم حجة يجب اتباعها، ولو سلم كان قول كل واحد حجة ظنية، وهي لا تقاوم الإجماع الثابت بالدليل القاطع كسائر الظنيات.
(قوله): «بأي القولين» أي: بأي قولي الصحابة المختلفين سواء حصل إجماع بعد اختلافهم أو لم يحصل.
(قوله): «ومنها أن أهل العصر الثاني بعض الأمة ... إلخ» هذه الشبهة مبنية على أن قول العالم لا ينقرض بموته، صرح بذلك شارح الجوهرة والمحقق في شرح المختصر حيث قال: قالوا: لم يحصل اتفاق الأمة؛ لأن فيه قولاً مخالفاً؛ لأن القول لا يموت بموت صاحبه، فلا إجماع. اهـ ويحتمل أن المؤلف # بنى هذه الشبهة على اعتبار من سيوجد، فيكون المجمعون بعض الأمة، وسيأتي في جواب هذه الشبهة ما يؤيد هذا، والله أعلم. وأما الشبهة التي أشار إليها المؤلف بقوله فيما يأتي: «ومنها أنه لو كان حجة لكان قول إحدى الطائفتين بعد موت الأخرى كذلك» فمبنية على العكس من ذلك، وهو أن قول العالم يموت بموته، فالجواب عنهما مختلف كما يأتي.
(قوله): «لكان قول إحدى الطائفتين بعد موت الأخرى كذلك» أي: حجة، وذلك لأن الباقي كل الأمة الأحياء في ذلك العصر، والباقي هو المعتبر؛ إذ لا عبرة بالميت، واللازم باطل اتفاقاً، ذكره في شرح المختصر.
(قوله): «بأن الاقتداء بأيهم للمقلدين» عبارة المؤلف فيما سبق: والجواب: أن الخطاب للمقلدين خاصة. وأراد المؤلف # بالخطاب في قوله: اقتديتم، وعبارته فيما تقدم واضحة، وأما عبارته هاهنا فينبغي أن يقدر فيها مضاف ليتضح المراد، فيقال: المراد أن خطاب الاقتداء بهم للمقلدين بالكسر، أي: لا[١] للمستدلين بأقوالهم؛ إذ ليست حجة. وقوله: «وإلا لزم» أي: وإن لا يكن الخطاب للمقلدين خاصة بل عام لزم أن يكون قول كل واحد من الصحابة حجة، فيلزم التناقض عند اختلافهم، بأن تجب طاعة كل واحد وعدم وجوبها، ولزم أن يكون قول كل منهم حجة على الآخر، وليس كذلك إجماعاً.
(قوله): «ولو سلم» أي: كون قول كل واحد منهم حجة.
(قوله): «وهي لا تقاوم الإجماع» فيبطل قول المستدل: سواء حصل إجماع بعد أو لم يحصل.
(١) ما بين المعقوفين من (أ).
(٢) في زمانهم.
[١] في المطبوع: أي للمستدلين. والمثبت من نسخة.