هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 231 - الجزء 2

  (والكذب عدمها) أي: عدم مطابقة حكمه أو نسبته للواقع.

  (لا) أن حقيقة الصدق مطابقة حكمه أو نسبته (لاعتقاد المخبِر، و) حقيقة الكذب (عدمها) أي: عدم مطابقة حكمه أو نسبته لاعتقاد المخبِر (خلافاً للنظام) ومن تابعه، فقالوا: إن حقيقتهما ذلك حتى إن قول القائل: «السماء تحتنا» معتقداً ذلك صدق، وقوله: «السماء فوقنا» غير معتقد⁣(⁣١) كذب.

  والمراد بالاعتقاد معناه المشهور، وهو: التصديق الشامل للعلم الذي لا يقبل التشكيك والاعتقاد الجازم الذي يقبله والجهل المركب والظن.

  فالخبر المعلوم والمعتقد والمظنون صادق، والموهوم كاذب؛ لأنه دال على الحكم بخلاف الطرف الراجح.

  ولما كان المتبادر من عدم مطابقة الخبر للاعتقاد أن يكون هناك اعتقاد ولا يطابقه الخبر على ما هو القاعدة في دخول النفي على كلام فيه تقييد كان الظاهر أن يكون الخبر المشكوك واسطة بين الخبر الصادق والكاذب؛ لأنه لا اعتقاد فيه، لتباين الاعتقاد والشك، والنظَّام ممن لا يثبت الواسطة، فلا بد أن يقال: إن عدم مطابقة الاعتقاد إما بأن يكون هناك اعتقاد ولا مطابقة، أو بأن لا يكون هناك اعتقاد أصلاً.

  (ولا) أن حقيقة الصدق مطابقة حكمه أو نسبته (للمجموع) من الاعتقاد والمطابقة (و) حقيقة الكذب (عدمها) أي: عدم مطابقة حكمه أو نسبته للمجموع من الأمرين (خلافاً للجاحظ) وأتباعه (فما عداهما) أي: ما عدا مطابقة المجموع وعدمها على هذا القول (واسطة) بين الصدق والكذب.

  وتحقيق كلامهم أن الخبر إما مطابق للواقع أو لا، وكل منهما إما مع اعتقاد


(قوله): «أو بأن لا يكون هناك اعتقاد أصلا» فيعود النفي إلى القيد والمقيد جميعاً.

(قوله): «من الاعتقاد والمطابقة» صوابه: والواقع.


(١) في المطبوع: غير معتقد ذلك.