(الباب الأول في الأخبار)
  ومنها: أنه لو أفاد العلم لم يكن ضرورياً؛ إذ لو كان كذلك لما فرقنا بين ما مثل به وبين العلم بالضروريات، واللازم باطل؛ لأنا إذا عرضنا على أنفسنا وجود إسكندر وقولنا الواحد نصف الاثنين فرقنا بينهما ووجدنا الثاني أقوى بالضرورة.
  ومنها: أنه يستلزم الوفاق فيه، وهو منتف في المتواتر؛ للمخالفة.
  والكل مردود، أما إجمالاً فبأن دليلنا ضروري، وما ذكرتموه تشكيك في ضروري فلا يسمع، وأما تفصيلاً فالجواب عن الأول: بأنه قد علم وقوعه، والفرق وجود الداعي هنا لا في الطعام.
  وعن الثاني: بأن حكم الجملة قد يخالف حكم الآحاد(١)، فإن الواحد جزء العشرة لا العشرة، والعسكر(٢) يغلب ويفتح، والواحد منه لا يغلب ولا يفتح. وقولهم: لازم الجزء لازم الكل إنما يصح في الأجزاء المحمولة، وأما الأجزاء الخارجية فلا.
  وعن الثالث: بأنه فرض محال(٣).
(قوله): «إنه يستلزم» يعني لو كان ضرورياً.
(قوله): «لا العشرة» فليست جزء العشرة.
(قوله): «في الأجزاء المحمولة» أي: العقلية، كجزء الماهية، نحو الإنسان حيوان ناطق.
(قوله): «لا الخارجية» فلا يثبت للكل ما يثبت لها في الخارج.
(قوله): «فرض محال» فإن تواتر النقيضين محال.
(١) حاصله أن حصول العلم سواء كان بخلق الله بطريق العادة أو بإيجاب الإخبار إياه يجوز أن يتحقق بخبر عشرة ولا يتحقق بخبر تسعة؛ بأن يزول بانضمام الواحد إليه احتمال الكذب عند السامع وإن كان محتملاً له في نفسه من حيث إنه خبر. ثم لا يخفى أن الشبهة الأولى تنفي وقوع التواتر، والأخيرتين تنفيان إفادته العلم الضروري، والبواقي إفادته العلم. (سعد الدين).
(٢) متألف من الأشخاص، وهو يغلب ويفتح البلاد دون كل شخص على انفراده. (عضد [والتصحيح منه]).
(٣) لأن التواتر إنما يفيد العلم في الأخبار من المحسوسات، ولا يمكن وقوع التناقض فيها. (من الإبهاج شرح المنهاج).
(*) قوله: وعن الثالث»: وأجاب المحقق الجلال عن هذا بأن الضابط حصول العلم بخبر الجماعة، فما حصل به العلم من خبر إحدى الجماعتين فهو المتواتر دون الآخر. (شرح المختصر).