[فصل في الخبر المعلوم صدقه]
  وعن الرابع: بمنع(١) كمال العدد في جميع المراتب(٢).
  وعن الخامس: بأن الضروري أنواع مختلفة يفارق بعضها بعضا بالسرعة وغيرها.
  وعن السادس: بأن الضروري لا يستلزم الوفاق لجواز العناد، وإلا ورد خلاف السوفسطائية(٣).
  وإذ قد عرفت أن التواتر يفيد العلم فهذه (مسألة) تشتمل على أمور ثلاثة: أولها: في الخلاف في العلم الحاصل عنه هل ضروري أو نظري. وثانيها: في الشروط التي لا يحصل عنه العلم من دونها والخلاف فيها. وثالثها: في التواتر المعنوي.
[الخلاف في العلم الحاصل عن التواتر]
  أما الأول: وهو الخلاف في العلم الحاصل عنه فقال الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين # صرح به في كتاب «البالغ المدرك» والجمهور من أئمتنا والفقهاء والمتكلمون من المعتزلة والأشاعرة: (وهو ضروري؛ لوقوعه لمن لم ينظر) في أحوال المخبرين من العدد وانتفاء المواطاة ونحو ذلك (و) لمن (لم يبلغ حد النظر كالصبيان)
(قوله): «في جميع المراتب» إذ يحتمل أن في بعضها من لم يبلغ عدد التواتر، فلم يحصل شرط العلم.
(قوله): «لجواز العناد» يعني من الشرذمة القليلة.
(١) في تحرير ابن الهمام وشرحه ما لفظه: (وأخبار اليهود آحاد الأصل) يكفي للمانع احتمال كونه آحاد الأصل، على أنه ثبت بالنقل أن بخت نصر قتلهم بحيث قلوا ولم يبق منهم عدد التواتر، وقد اشترط في التواتر استواء الطرفين والوسط في الكثرة التي يحصل بها[١] التواتر.
(٢) لأن شرط حصول العلم بالتواتر العلم بكمال نصابه في كل مرتبة، فلا نسلم حصول نصابه ولا بعضه في أول مرتبة هذا الخبر المختلق، وإنما اشتهر بين الفريقين مختلقاً كما تشتهر الأكاذيب المصنوعة. (شرح جلال للمختصر).
(٣) فإن منهم من ينكر ثبوت حقائق الأشياء ويقول: إنها خيالات باطلة، وهم العنادية، ومنهم من يزعم أنها تابعة للاعتقاد، فلو اعتقد المعتقد العرض جوهراً أو العكس فالأمر كما اعتقد، وهم العندية، ومنهم من ينكر العلم بثبوت شيء ولا ثبوته، ويزعم أنه شاك وأنه شاك في أنه شاك وهلم جرا، وهم اللا أدرية، والحق أنهم لا يستحقون الجواب، بل يقتلون ويضربون ويقال لهم: لا تجزعوا فإنه لا ثبوت لشيء. وسوفسطاء: اسم للحكمة المموهة والعلم المزخرف، ويقال: سفسط في الكلام إذا هذى. (شرح تحرير).
[١] في المطبوع: منها. والمثبت من شرح تحرير ابن الهمام.