[فصل في الخبر المعلوم صدقه]
  وثالثها(١): استواء مراتب المخبرين وطبقاتهم في الشرطين الأولين، فلا تخلو مرتبة عنهما.
  (وضابطه) أي: ضابط شرط التواتر والعلم بحصوله عند القائلين بأن العلم الحاصل عن التواتر ضروري (حصول العلم(٢)) بصدقه، فإذا علم ذلك علم
(قوله): «وضابطه ... إلخ» هذا بيان لكيفية العلم بحصول هذه الشرائط، يعني هل يتقدم العلم بها على العلم بالمتواتر كما هو شأن العلم النظري، أو لا يتقدم عليه، بل يكشف حصول العلم بالمتواتر عن حصولها؟ وهذا معنى ما في شرح المختصر حيث قال: وأما كيف يعلم حصول هذه الشرائط فمن زعم أنه نظري يشترط تقدم العلم بذلك كله، وأما نحن فالضابط عندنا حصول العلم بصدقه، فإذا علم ذلك عادة علم وجود الشرائط. فقول المؤلف #: والعلم بحصوله من قبيل أعجبني زيد وكرمه[١]. وضمير حصوله لشرط التواتر. و (قوله): «عند القائلين» قيد للضابط.
(١) قال بعض الأذكياء: لا حاجة إلى هذا الشرط الثالث؛ لأنه يحصل العلم بخبر التواتر بمجرد حصول الشرطين الأولين، ألا ترى أنه إذا أخبر أهل التواتر عمن لا يحصل العلم بخبره فإنه يحصل العلم بصدور مضمون ما أخبر به أهل التواتر عمن نقلوه عنه وإن لم يحصل العلم بحصول ما نقله عمن نقله عنه فليتأمل. (من خط السيد صلاح الأخفش).
(*) أراد # باستواء مراتب المخبرين ما صرح به ابن الحاجب وشارحه العضد وصاحب الفصول من اشتراط استواء طرفي الناقلين، وهما الأول والآخر والوسط، وظاهر كلام ابن الحاجب اشتراط الاستواء الحقيقي، واعترضه الإمام المهدي # في المنهاج وضعف ذلك الاشتراط، ولكن كلام شارحه العضد يقتضي أن ليس مراد ابن الحاجب المساواة الحقيقية؛ فإنه فسر استواء الطرفين والوسط بقوله: «أعني بلوغ طبقات المخبرين في الأول والآخر والوسط بالغاً ما بلغ عدد التواتر» فقوله: «ما بلغ عدد التواتر» يقتضي أن ليس المراد إلا المساواة في بلوغ عدد التواتر في الثلاث المراتب لا في قدر العدد كما صرح بذلك صاحب الفصول حيث قال: واستواء عددهم في الطرفين والوسط في عدم النقص لذلك العدد عن أقل عدد يحصل العلم بخبرهم. واحترز عن ذلك في شرحه بما لو أخبر واحد ثم أخبر بخبره بعد ذلك جمع عظيم كحديث: تمسكوا بالسبت أبداً فإنه لا يكون متواتراً. قال: وأما أنه إذا روى الحديث عشرة فلا بد أن ينقله عنهم عشرة فلا يشترط، بل يكفي نقل خمسة عشر عن عشرة ونقل عشرة عن مائة، وليس المقصود إلا كمال العدد. فعرفت أن ليس المراد المساواة في مراتب المخبرين حقيقة، بل في كمال العدد، والله أعلم.
(*) هذا الشرط الثالث إنما يتم فيما وقع على أكثر من مرتبة واحدة، فأما ما وقع عليها فلا، وكذا حد التواتر بأنه نقل جماعة عن جماعة لا يظن تواطؤهم على الكذب أو يحيل العقل تواطؤهم ... إلخ، فإنه لا يتناول ما وقع عليها فلينظر، والله أعلم. (من خط السيد إسماعيل بن محمد إسحاق).
(٢) قوله: «حصول العلم ... إلخ»: قيل عليه: العلم يستفاد من التواتر، فإثبات التواتر به دور، وأجيب بأن نفس التواتر سبب نفس العلم، والعلم بالعلم سبب العلم بالتواتر، وهذا حال كل معلول ظاهر مع العلة الحقيقية مثل الصانع مع العالم، فإن قلت: العلم من غير شبهة معلول أعم فلا يدل على العلة الخاصة، قلت: عدم الدلالة ما لم يعلم انتفاء سائر العلل فتأمل. (خيالي من حاشية شرح العقائد).
[١] أي: مما أسند الفعل إلى شيء والمقصود إسناده إلى ما عطف عليه ليفيد قوة اختصاص المعطوف بالمعطوف عليه ولا كذلك العطف المعهود ولا الإبدال. (حسن بن يحيى ح).