(الباب الأول في الأخبار)
  وجود الشرائط، لا أن الضابط في حصول العلم عنه سبق العلم بها، خلافاً لمن يرى أنه نظري.
  (و) إذ قد عرفت أنه لا بد فيه من العدد فقد وقع (في أقله) أي: أقل ما يحصل به العلم (أقوال) كثيرة(١) (فقيل) يكفي في حصول العلم (أربعة) ذكر هذا القول صاحب الفصول(٢)؛ إذ كم من أربعة يحصل العلم بقولهم دون ألف، وقطع أبو الحسين البصري وأبو بكر الباقلاني والسبكي وغيرهم بأنه لا يحصل العلم بخبر الأربعة.
  قال الباقلاني: إذ لو أفاده قول الأربعة الصادقين لأفاده قول كل أربعة صادقين، ولو كان كذلك لم يجب تزكية شهود الزنا(٣)، لكن تزكيتهم واجبة بالاتفاق.
  أما الملازمة الأولى فلأن الحكم على الشيء حكم على مماثله.
  وأما الملازمة الثانية فلأنه إن علم القاضي بقولهم فقد علم صدقهم فيستغني عن التزكية، وإن لم يعلم بذلك لزم أن يعلم كذبهم(٤)؛ لأن الفرض أن محصل العلم بالصدق قول أربعة صادقين، فمتى لم يحصل العلم بالصدق فقد انتفى اللازم فينتفي الملزوم وهو قول أربعة صادقين وانتفاؤه ليس لانتفاء القول ولا لانتفاء
(١) و (قوله): «في حصول العلم عنه» أي: عن التواتر.
و (قوله): «سبق العلم بها» أي: بالشرائط.
(قوله): «أن محصل العلم بالصدق» بكسر الصاد وتشديده اسم فاعل.
(قوله): «فقد انتفى اللازم» أي: العلم بالصدق.
(قوله): «فينتفي الملزوم» وهو قول أربعة صادقين. وتقرير الملازمة لو حصل قول أربعة صادقين لحصل العلم بالصدق، لكن لم يحصل، فينتفي الملزوم، وانتفاؤه لانتفاء أحد أجزائه، وهو الصدق، لا لانتفاء القول ولا لانتفاء الأربعة، فإذا انتفى الصدق تعين الكذب فلم يحتج إلى التزكية.
(١) المذكور منها هنا عشرة.
(٢) نسبة في تعليق الشرح إلى أبي هاشم. (شرح فصول).
(٣) وهذا ليس بشيء؛ للتشديد في الزنا؛ ولهذا لا يجوز للشاهد أن يشهد بغير رؤية الإيلاج. (من شرح الجلال).
(٤) يقال: لا يلزم من انتفاء العلم بالصدق العلم بالكذب؛ لجواز ظن الصدق أو مرجوحيته أو استواء طرفيه هو والكذب، وبالجملة لا يلزم من انتفاء الأخص انتفاء الأعم إلا بدليل يرفع الأعم حتى يلزم العلم بالكذب، فالتزكية محتاج إليها مع عدم العلم والظن بالصدق، ومع ظن الصدق إن كان الجرح لمجرد خفة الضبط وغلبة السهو والنسيان، وبمثل هذا يورد على ما يلي هذا القول، فتأمل.