التجريد في الفقه على المذهب الزيدي،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في وجوب الأجرة

صفحة 170 - الجزء 1

  ولو أن رجلاً استأجر جملاً من المدينة على أن يـ يسير إلى مكة ويحمل من مكة إلى المدينة حملاً له فلما انتهى إلى مكة امتنع أن يحمل عليه لا لعذر لحكم عليه بالأجرة، وكذلك إن امتنع الحمال من حمله لا لعذر حكم عليه بحمله.

  ولو أن رجلاً استأجر رجلاً على أن يحمل كتابه إلى رجل ويرجع بجوابه إليه، فلما أتى الأجير ذلك البلد كان من حمل إليه الكتاب غائباً فسلمه إلى غير صاحبه أو لم يسلمه فلا أجرة له، وكذلك إن أوصل الكتاب إلى المحمول إليه ولم يأخذ الجواب أو ضاع الكتاب في الطريق فلا أجرة له فإذا كان استأجره على أن يحمله إليه فإذا وصل إليه أو إلى وكيله وجبت له الأجرة.

  وإن كان استأجر من رجلٍ جملاً ليحمل عليه إلى موضع معلوم بأجرة معلومة فلما صار في بعض الطريق تركه الجمال ولم يحمله لم يكن للجمال من الكراء إلا إلى الموضع الذي حمله إليه، فإن كان المكتري هو الذي تركه وجب عليه الكراء تاماً إلى الموضع الذي شارطه عليه، وإن كان الجمال حمل عليه غيره لما تركه وجب عليه الكراء إلى حيث حمل غيره تخريجاً.

  ولو أن رجلاً اكترى جملاً من المدينة إلى مكة على أن يسير به ستاً أو سبعاً فسار به عشراً وجب للمكاري أجرة مثله ولا يزاد على ما شرط له تخريجاً، وكذلك القول في البريد والأجير.

  وإذا استأجر الرجل من الرجل شيئاً بأجرة معلومة كان له أن يؤجرها غيره بمثل تلك الأجرة وليس له أن يؤجرها بأكثر من أجرته إلا بإذن صاحبه.

  ولو أن حائكاً أخذ غزلاً على أن ينسجه عشرة أذرع فنسجه اثنا عشر ذراعاً كانت له أجرة عشرة أذرع وكان في الذراعين متبرعاً. ولو أن رجلاً دفع ثوباً إلى صباغ ليصبغه له لوناً بدرهم فصبغه ذلك اللون أشبع منه كان الصباغ في الزيادة متبرعاً سواء تعمده الصباغ أو لم يتعمده.

  فإن قال الصباغ (أمرتني بصبغ يسوى عشرة دراهم)، وقال صاحب الثوب (أمرتك بصبغ يسوى خمسة دراهم) كانت البينة على الصباغ واليمين على صاحب الثوب.