الأسلوب الحكيم
الأسلوب الحكيم
  أمثلة للشرح:
  أ - قال ابن حجاج البغدادي:
  قال: ثقَلتُ إذا أَتَيْتُ مِراراً ... قُلْتُ، تَقَلْتَ كاهلي(١) بالأيادي
  قالَ: طَوَّلْتُ(٢)، قُلْتُ: أَوْلَيتَ طَوْلاً(٣) ... قالَ: أَبْرَمْتُ(٤)، قُلْتُ: حَبْلَ وِدادي
  ب - قيل لشخص هرِمِ: كَمْ سِنكَ؟
  فقال: أَنْعَمُ بِصِحْةٍ وعَافِيَةٍ.
  الشرح:
  كما أنك قد تجيب السائل على غير السؤال الذي وجهه إليك لأسباب منها: أنك لا ترتاح إلى الإجابة عليه، أو أن الجواب فوق مستواه العلمي والعقلي، فتصرفه عن السؤال بكياسة ولباقة، بجواب يفهم منه أن هذا هو الأولى والأجدى بالسؤال عنه: تأمل قول ابن حجاج في البيت (أ) حيث يقول له صاحبه: قد ثقلت عليك بتكرار زيارتي، فيصرفه عن رأيه بأدب وظرف وينقل كلمته من معناها إلى معنى آخر هو: أنك أثقلت كاهلي بما أسديت إليّ من منن ونعم وتأمل قوله أيضاً في البيت الثاني «طَوَلْتُ» بمعنى أطلت المكث والإقامة، عن هذا المعنى إلى معنى آخر هو الطوّل أي التفضّل والإحسان، ويحمل كلمة «أبرمت» التي يقصد بها الملل والضجر إلى إبرام حبل المودة وإحكامها.
  وفي المثل (ب) ترك الشخص الهرم الجواب عن السنّ، وصرف سائله بلطف ولين عن السؤال عن عمره وأخبره أنه يتمتع بصحة وعافية تنبيهاً له إلى أن السؤال عن الصحة أولى من السؤال عن السن. وهذا النوع من البديع يسمّى «الأسلوب الحكيم».
(١) الكاهل: ما بين الكتفين.
(٢) طولت: أطلعت الإقامة.
(٣) الطول: التفضل والإحسان.
(٤) أبرمت من معانيها ملت، وضجرت ومن معانيها أحكمت قتل الحبل.