الأمر صيغته ومعانيه
  الشرح:
  تأمل أمثلة القسم الأول تجد كُلاً منها يشتمل على طلب حصول شيء لم يكن حاصلاً وقت الطلب على وجه التكليف والإلزام، وتلاحظ أن طالب هذا الشيء هو أعظم ممن طلب منه، وأن تلك الأمثلة لا تخرج عن صيغ أربع هي:
  أ - فعل الأمر كما ترى في المثل الأول.
  ب - والمضارع المتصل بلام الأمر كالمثل الثاني.
  ج - والمصدر النائب عن فعل الأمر كالمثل الثالث.
  د - واسم فعل الأمر كالمثل الرابع، وهذا هو المعنى الحقيقي للأمر.
  وإذا تأملت في أمثلة القسم الثاني وجدت الأمر فيها لم يستعمل في معناه الحقيقي، وهو طلب الفعل من الأعلى إلى الأدنى، وإنما يدل على معانٍ أخرى، تفهم من سياق الكلام وقرائن الأحوال. فالشاعر في المثل الأول ينصح ويرشد مخاطبه بمشاورة سواه عند نزول المصائب والملمات، وإن كان هو ممن يستشارون، ويؤخذ بآرائهم.
  والبحتري في المثل الثاني يدعو لممدوحه بالسلامة من صروف الدهر، ونازلات الأيام. وعنترة في المثل الثالث لا يريد أن يكلف دار بنت عمه عبلة أن تتكلم، لأن كلام الدار مستحيل، وإنما يتمنى لو أنها تقدر على الكلام. وبشار بن برد في المثل الرابع يخير بين أن يعيش الإنسان في عزلة عن الناس فريداً وحيداً، وبين أن يصل صديقه الذي يخطئ تارة ويصيب أخرى، ا، لأن الصديق المنزّه الخالي من النقص معدوم غير موجود.
  وبالتأمل في بقية الأمثلة تجد أن الأمر فيها جاء بقصد التهديد والالتماس والتعجيز.
  القاعدة:
  الأَمْرُ طَلَبُ الْفِعْل على وجه الاستعلاء، للأمر أربع صيغ:
  فعل الأمر، والْمُضَارِع المقرون بلام الأمر واسم فعل الأمر، والمَصْدَرُ النَّائِبُ عَنْ فِعْل الْأَمْرِ.
  قَدْ تَخْرُجُ صِيعُ الأَمْر عَنْ مَعْناها الأَصْلِيَّ إلى مَعَانٍ أُخْرَى تُسْتفاد من سياق الكلام، كالإرشاد، والدُّعاء، والالتماس، والتَّمَنِّي، والتَّخيير، والتَّسوية، والتَّعْجيز، والتَّهديدِ، والإباحةِ.