معين الطالب في علوم البلاغة،

محمد أمين الضناوي (معاصر)

النهي صيغه ومعانيه

صفحة 47 - الجزء 1

  ففي المثلين الأولين طالب النهي هو الله سبحانه وتعالى، والمطلوب منهم هم عباده.

  وفي المثل الثالث هو مدير المدرسة، والمطلوب منهم هم تلاميذه، وهذا هو النهي الحقيقي «طَلَبُ الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء» وليس له إلا صيغة واحدة، هي المضارع مع لا الناهية.

  وإذا تأملت أمثلة القسم الثاني وجدت كلاً منها يشتمل على نهي، لم يستعمل في معناه الحقيقي، وهو طلب الكف من أعلى إلى أدنى، وإنما يدل على معان أخرى تفهم من مجرى الكلام:

  أ - فتفهم من المثل الأول أن النهي فيه يقصد به الدعاء، فالمتكلم يدعو الله أن لا يُشْمِتَ به الأعداء، لأن الشماتة أمر لا تحتمله النفس، إذ هي فرح العدو بمصيبة عدوه.

  ب - وفي المثل الثاني تلتمس من صديقك الذي هو. مساو لك أن لا يغادر منزله حتى تأتيه، وذلك بصيغة النهي، وصيغة النهي إذا وجهت من ند إلى نده أفادت الالتماس.

  ج - وتفهم من المثل الثالث أن الشاعر ينهى عن مجاراة السفيه وإجابته، ويرشد أن السكوت في هذه الحال خير من الرد، فصيغة النهي فيه تفيد النصح والإرشاد.

  د - والخنساء في المثل الرابع تظهر عميق حزنها وشديد أسفها على أخيها صخر، وتتمنى أن لا تبخل عيناها بالدمع السخي على فقده، فصيغة النهي تفيد التمني.

  هـ - وإذا أنعمت النظر في بقية الأمثلة لوجدت صيغة النهي فيها تفيد حسب سياق الكلام التهديد في المثل الخامس، والتوبيخ في المثل السادس، والتحقير في المثل السابع.

  القاعدة:

  النهي طَلَبُ الكَفْ عَن الْفِعْل عَلَى وَجْهِ الاسْتِعْلاء. وللنهي صِيغَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ الْمُضَارِعُ مَعَ لَا النَّاهِيَةِ.

  قَدْ تَخْرُجُ صِيغَةُ النَّهْي عَنْ مَعْناها الحقيقي إلى مَعَانِ أُخْرَى تُسْتَفَادُ مِنَ السَّياق وَقَرَائن الأحوال، كالدعاء، والالتماس، والتمني، والإرشاد والتوبيخ، والتيئيس، والتَّهْدِيدِ، والتحقير.