معين الطالب في علوم البلاغة،

محمد أمين الضناوي (معاصر)

مخالفة القياس

صفحة 14 - الجزء 1

  ما بالكم تكأ كأتم علي كتكأكُئكُم على ذي جنّة، أفرنقعوا، فقد أطْلَخَمَّ بي الضجر من الألم.

  تَكَأْكاً: هي كلمة تُستعمل بمعنى «اجتمع».

  أفْرَنقَعَ: هي كلمة تستعمل بمعنى «انصرف».

  أطْلَخمَّ: هي كلمة تستعمل بمعنى «اشتد».

  وهنا أيضاً لا يضبط فصاحة هذه الكلمات وعدم فصاحتها إلا الذوق السليم، والشعور النفسي الذي تولّده ممارسة أساليب الأفذاذ والبلاغيين العرب.

مخالفة القياس

  ويراد بها كون الكلمة مخالفة لقواعد الصرف والنحو المأخوذة عن العرب، ومن هذا على سبيل المثال قول المتنبي:

  فَإِن يَكُ بَعْضُ النَّاسِ سَيْفاً لِدَوْلَةٍ ... فَفِي النَّاسِ بُوقاتٌ لَهَا وَطُبولُ

  هنا في هذا القول: «بوق» جُمعت على «بوقات» جمع مؤنث سالم، إذ إن القياس في جمع «بوق» للقلة «أبواق».

الكلام البليغ

  بلاغة الكلام تعني مطابقته لمقتضى الحال التي يُورَدُ فيها مع فصاحته.

  إن الجدير بالذكر أن الكلام يجب أن يطابق مقتضى الحال، والكلام لا يطابق مقتضى الحال إلا إذا كان وفق عقول المخاطبين، على أن يأخذ بعين الاعتبار طبقاتهم في فهم ما يقال لهم.

  إذاً فأسلوب الكلام أمام المثقفين لا يصلح أن يُخاطب به عامة الناس، ولقد أفصح عن ذلك الحطيئة في خطابه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ¥ قائلاً:

  تَحَنَّنْ عَل هداك المليك ... فإنَّ لِكُل مقامٍ مَقَالا

  أما إذا استعرضنا كلام بشار بن برد في الحرب فيقول:

  إذا ما غَضِبْنَا غَضْبَةً مُضَرِية⁣(⁣١) ... هَتَكْنَا⁣(⁣٢) حجاب الشمس⁣(⁣٣) أو قطرت دما


(١) مضرية: نسبة إلى قبيلة مُضَر العربية.

(٢) هتك أهلك شق، خرق.

(٣) حجاب الشمس المقصود به الغبار.