رسالة در النادي في الكشف عن خبث حسين الهادي
  و (زيلته) مضعف أزاله عن المكان أقصاه عنه، والإسناد إليها من مجاز الحذف إذ المراد أهلها على حد قوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] وقوله: فلم يكن ... إلخ، أي ليس ينبغي أن تكون له دار مقام لشرفها وعلو مرتبتها أن يليها مثله، وقوله: نفته عنها، بيان لكيفية زواله عنها بأنهم طردوه بعد ما فتكوا بعصبة انضمت إليه من أحواز صنعاء قبيلة من بقايا الفرس يسمون بني بهلول، وذلك أنه غرهم على عادته ووعدهم الفتح والنصر والظفر، فاجتمع منهم معه جمع وأقبل بهم نحو صنعاء يزعم أنه لا يحل رحله إلا في وسطها فخرج إليه جماعة من أهلها، وعضدهم آخرون من أهل شعوب، فأذاقوهم حرَّ شعوب، وهزموهم هزيمة فاضحة، وقتل منهم جماعة ينيفون على العشرين، ثم ولوا مدبرين لا يلوون على أحد، ونجا بنفسه، فنزل بوادي ظهر، ثم بقرية القابل مستجيراً فآووه ولم يحسنوا، ففي الحديث «من آوى محدثاً لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلا» رواه في معالم السنن للخطابي.
  وقوله: فلم يفده دعاويه ... إلخ، يعني أن الحالة التي صار إليها من الضعف والوهن والطرد له والإبعاد والإيقاع به والانتزاع لرئاسته توجب أن يظهر عندها ما يدعيه من التمكن من المحال ليوسع به مضيق المجال، فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان، فحين لم تفده دعاويه شيئاً كانت مبادئه تكذبه، وزوره وافترائه عند من له أدنى عقل يميز به بل ظهر من حاله الخوف والوجل، وأنه استجار برجل من مشائخ بلاد سنحان {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ٣٨}[الأحزاب] {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ١١}[الرعد].