مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة در النادي في الكشف عن خبث حسين الهادي

صفحة 162 - الجزء 1

  وقد ألف العلماء للملوك كتباً ورجعوا لهم حكماً وأمثالاً فيما يصلح به الملك ويدوم، ولا دوام إلا لله سبحانه، فمنها لأهل الهند أول ما وضعوا في ذلك كتاب كليلة ودمنة فإنه مبني على رعاية الحكم والأمثال التي يتوصل بها إلى حسن السياسة، وقوام الرئاسة، وأخبار عبد الوهاب، وكذلك وضعوا الشطرنج وجعلوا معرفته وأحكامه طريقة منبه على أن سعة الملك لحسن التدبير والنظر، وكذلك النرد للفرس، ومن ذلك كتاب الساطم والباغم وما اشتمل عليه من الأمثال والحكم وهو لابن الهبارة، ومنها كتاب سراج الملوك، وكتاب نصائح الملوك لحفيد ابن الجوزي، وكتاب العقد الفريد في نصيحة الملك السعيد لمحمد بن طلحة، وكتاب سر العالمين للعلامة الحجة محمد بن محمد الغزالي، وغير ذلك مما يطول ذكره، ويعظم حصره، وقد كانت عقولهم لكمالها تهديهم إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة.

  فما روى حفيد ابن الجوزي في نصائح الملوك بإسناده عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله ÷ قال: «بينما رجل ممن كان قبلكم في مملكته فتفكر فعلم أن ذلك منقطع منه، وأنما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه، فخرج ذات ليلة من قصره فأصبح في مملكة غيره، فأتى ساحل البحر وكان يضرب اللبن ويأكل ويتصدق بالفضل، فلم يزل كذلك فنما خبره إلى ملكهم فأرسل إليه ملكهم أن يأتيه فأبى فأعاد إليه الرسول فأبى وقال: ماله ومالي فركب إليه فلما رأه الرجل ولى هارباً فلما رأى ذلك الملك ركض في دابره فلم يدر به فناداه يا عبد الله إنه ليس عليك بأس فأقام حتى أدركه فقال: من أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا فلان بن فلان صاحب ملك كذا وكذا تفكرت في أمري فعلمت أن ما أنا فيه منقطع عني وأنه قد شغلني عن عبادة ربي فتركته وجئت هاهنا أعبد ربي ø، فقال: ما أنت أحوج إلى ما صنعت مني، قال: ثم نزل عن دابته فسيبها ثم