الباب الثالث في أمهات مسائل من أصول الدين لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار
الفصل الثاني في العدل
  ومعناه ما قال الوصي #: العدل أن لا تتهمه، وصدق #، فإن من اتهم ربه فلم ينزهه لم يصفه بعدل، وفيه عشر مسائل: -
  المسألة الأولى: أن الله تعالى عدل حكيم لا يفعل القبيح كالظلم والعبث، والدليل على ذلك أنه قد ثبت أن الله تعالى عالم بقبح القبيح غني عنه، وما هو غني عنه فلا يفعله ولأنه صفة نقص، وهو من صفات المحدثات والله تعالى لا يشبهها ولا يتصف بها، بل أفعاله كلها حسنة جارية على طبق الحكمة، وقد قال تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ٤٩}[الكهف] وقال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}[النساء: ١٤٧] الآية وغيرها.
  المسألة الثانية: أن أفعال العباد حسنها وقبحها منهم لا من الله تعالى؛ لأنها خالصة ومنتفية بحسب اختيارهم وذلك معلوم بالضرورة، ولأنها لو كانت من فعله تعالى لما أمرهم بالطاعات ونهاهم عن المعاصي، كما أنه لم يأمرهم بالطول والقصر والألوان، لما كانت من فعله تعالى، ولكان ذلك قبيحاً؛ ولأن الله تعالى قد نسب أفعالهم إليهم فقال تعالى: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ٢}[الصف] و {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٧}[السجدة] {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}[العنكبوت: ١٧] وغيرها.
  المسألة الثالثة: أن الله تعالى لا يقضي بالمعاصي.
[معاني القضاء]
  والقضاء يطلق على معانٍ منها.