الباب الثالث في أمهات مسائل من أصول الدين لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار
  ١ - بمعنى الخلق كما قال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}[فُصِّلَت: ١٢].
  ٢ - وبمعنى الإلزام كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[الإسراء: ٢٣].
  ٣ - وبمعنى الإعلام كما قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ}[الإسراء: ٤] ويجوز أن يقال الطاعة بقضاء الله تعالى بمعنى إلزامه لا بمعنى خلقه لها؛ لأن صحة الأمر بها والنهي عن تركها ينافي خلقه لها ضرورة، ولا يجوز أن تكون المعاصي بقضاء الله تعالى بمعنى خلقه؛ لأنه لو خلقها فيهم لم يحسن نهيهم ولا عاقبهم عليها، كما أنَّ ألوانهم لما كانت بفعله تعالى لم ينههم ولم يعاقبهم عليه، ولا يجوز أن يكون من قضائه بمعنى الإلزام؛ لأنها قبيحة وباطل والله تعالى لا يأمر بالقبيح والباطل، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ}[غافر: ٢٠] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ...}[النحل: ٩٠] الآية وغيرها.
  وإذا كان كذلك فلا يجوز إطلاق القول بالمعاصي بقضاء الله وقدره لما فيه من إيهام المعنى الفاسد.
  تنبيه: فاعلم أنه يجب الجزم بأن الله تعالى لا يصد عن طريق الحق ولا يفعل ما يحول بين المكلّف وبينها، وما ورد في ظواهر الآيات الكريمة ما يوهم بذلك فهو من المتشابه، فيجب تأويله كما مر، ورده إلى قواطع المحكم المطابق لحجة العقل.
[معاني الهدى]
  فالهدى يطلق على أحد معانٍ:
  ١ - الدعاء إلى الخير كما قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}[فصلت: ١٧].