مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

الباب الثالث في أمهات مسائل من أصول الدين لا يعذر في جهلها أحد من المكلفين على سبيل الجملة والاختصار

صفحة 243 - الجزء 1

  العقل الكافي، شبّه تعالى سلب التنوير بالختم والطبع، وشبّه حالهم حيث لم يعملوا بمقتضى ما سمعوا وأبصروا بمن في أذنيه وقر وفي بصره غشاوة وبينه وبين الناصح حجاب لا تبلغ إليه نصيحته، والتزيين التحسين، {زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}⁣[الأنفال: ٤٨] أي المعاصي، و {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}⁣[الأنعام: ١٠٨] أي الطاعات زينها تعالى بما وعد عليها من الثواب والسلامة من العقاب.

  والقضاء قد مر معناه في صدر المسألة.

[معاني القدر]

  والقدر على أحد معانٍ:

  ١ - منها القدرة والإحكام لقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ٤٩}⁣[القمر] أي كل شيء مخلوق لنا فهو تقدير منا.

  ٢ - وبمعنى العلم كقوله تعالى: {يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}⁣[الشورى: ٢٧].

  ٣ - وبمعنى القدرة كقوله تعالى: {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}⁣[الرعد: ١٧] وبمعنى الإعلام كقول العجاج:

  واعلم بأن ذا الجلال قد قدر ... في الصحف الأولى التي كان سطر⁣(⁣١)

  ٤ - وبمعنى الأجل كقوله تعالى: {إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ٢٢}⁣[المرسلات].

  ٥ - وبمعنى الحتم كقوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ٣٨}⁣[الأحزاب] ويجوز أن يقال الواجبات بقدر الله بمعنى حتمه لا بمعنى خلقه، ولا يجوز أن يقال المعاصي بقدر الله تعالى بمعنى خلقها أو حتمها خلافاً للمجبرة.


(١) في الأصل: التي كان ينتظر، وفي نسخة: التي كان سطر ولعلها الصواب والله أعلم.