مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية

صفحة 246 - الجزء 1

  تنبيه: وحقيقة الثواب هي المنافع المستحقة على وجه الإجلال والتعظيم، وتخرج عنه الأعواض والتفضل فإنها حسنة عند كل عاقل وإن كانت لا تسمى ثواباً، وحقيقة العقاب هي المضار المستحقة على وجه الإهانة وتخرج عنها المضار النازلة على أولياء الله تعالى وعلى غير المكلف فإنها بحكمة ومصالح علمها الله تعالى ولا يسمى عقاباً.

  المسألة السادسة: أن الله تعالى لا يريد شيئاً من معاصي عباده ولا يرضاه ولا يحبه لأن الرضا والمحبة يرجعان إلى الإرادة وإرادة القبيح قبيحة والله تعالى لا يفعل القبيح كما مر، ولو أراد تعالى منها شيئاً لما حسن تعذيبهم على فعلها، وقد قال تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}⁣[الزُّمَر: ٧] {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}⁣[غافر] {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}⁣[البقرة].

  المسألة السابعة: أن جميع الآلام التي لم تقع من فعل المخلوقين فهي من فعل الله تعالى بحكمةٍ وصواب، والدليل على أنها من فعل الله تعالى أنها من جملة الأعراض المحدثة ولم تكن من فعل المخلوقين فوجب أن تكون من فعل الله تعالى، وأما كونها بحكمة وصواب فقد ثبت أن الله تعالى عدل حكيم لا يفعل الظلم والعبث فوجب الحكم بأن جميع أفعاله تعالى بحكمةٍ وصواب وإن لم يعرف وجه الحكمة كالاعتبار والتعريض على الصبر على البلاء وللعوض⁣(⁣١) منه تعالى وقد يكون تعجيل عقوبة لمن يستحقها قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ٣٠}⁣[الشورى] الآية وغيرها.

  المسألة الثامنة: أن هذا القرآن الذي بيننا كلام الله تعالى وقد علم ضرورة أن النبي ÷ كان يخبر أنه كلام الله لا كلامه، وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}⁣[التوبة: ٦] ولا شك أنه القرآن.


(١) في الأم: والمعرض.