مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية

صفحة 250 - الجزء 1

  المسألة الرابعة: أن أهل الكبائر من هذه الأمة كشارب الخمر والزاني ونحوهما يسمون فسّاقاً ولا يسمون كفاراً خلافاً للخوارج، ولا يسمون مؤمنين خلافاً للمرجئة، حجتنا على الخوارج تحريم مناكحة الكفار والموارثة والدفن في مقابر المسلمين بخلاف الفساق وحجتنا على المرجئة أن المؤمن يستحق الثواب والتعظيم بخلاف الفاسق وقد قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}⁣[الأنفال: ٢] الآيات ونحوها، وهذه ليست بصفة الكفار ولا الفساق.

  المسألة الخامسة: أن شفاعة النبي ÷ لا تكون لمن يستحق النار من الكفار والفساق بل هي للمؤمنين ليزيدهم الله بها تشريفاً، والدليل على ذلك قوله تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ١٨}⁣[غافر] والفاسق ظالم لنفسه لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ١١}⁣[الحُجُرات] وقوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}⁣[الأنبياء: ٢٨] وغيرها من الآيات، فيثبت بذلك أنها للمؤمنين خلافاً للمرجئة حجتنا عليهم ما مر، ويقال لهم ما تقولون هل يحسن من العبد سؤال الله تعالى أن يدخله في شفاعة النبي ÷ أم لا؟ فإن قالوا لا، خالفوا الإجماع، وإن قالوا نعم قلنا يلزمكم على مذهبكم أن يسأل الله تعالى أن يميته فاسقاً، فما بقي إلا أنها للمؤمنين.

  فإن قيل: قد قال الله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ}⁣[هود: ١٠٧]، وقال النبي ÷ «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي».

  قلنا: معنى الاستثناء في الآية الكريمة إلا وقت الوقوف في المحشر، وأما الحديث فيجب طرحه والحكم بعدم صحته لمصادمة البراهين القطعية، وقد عورض بما رواه الحسن عن النبي ÷ أنه قال: «ليست شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» ولأن صح