مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية

صفحة 259 - الجزء 1

  أما أولاً: فلأنها لا تكون إلا بدليل شرعي وإذن من الله تعالى لمن يقوم بها ولم يأذن بها لغير العترة، ومالا دليل عليه باطل مردود، وقد قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦] وقال ÷ «كل ما ليس عليه أمرنا فهو رد» أو كما قال، فإن قيل قد قال رسول الله ÷ «الأئمة من قريش» قلنا: هذا الحديث غير صحيح لقول عمر بمحضر من الصحابة، لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً ما شككت فيه، وسالم غير قريشي مع أنه آحادي، والمسألة قطعية، وإن سلم فمجمل بينته الأدلة القطعية القاضية بحصرها في العترة إذ هم الخيار من قريش يزيده بياناً قول الوصي # الأئمة من قريش في هذا البطن من هاشم وقوله حجة.

  فأما ثانياً: فلأن من ثمرة الإمامة إقامة الحدود والإكراه على أخذ الحقوق وغير ذلك مما حظرته الأدلة على غير الأئمة فكانت تلك الأدلة مانعة من اقتحام منصبها إلا لمن قام الدليل القاطع على صحتها فيه.

  وأما ثالثاً: فلإجماع العترة، والمعلوم على حصر الإمامة فيهم دون غيرهم وإجماعهم حجة قطعية كما تكرر ذلك مؤيداً بالأدلة الشرعية.

  وأما حجة العقل: فهي أن الله بعث الرسل لحاجة الخلق إليهم، والإمامة فرع النبوة فلا يجوز أن تكون بعد⁣(⁣١) النبوة إلا في موضع مخصوص معروف للخلق وإلا لفسد التدبير وضاع الخلق، وكما أن النبوة لا تكون إلا في أرفع المواضع وأشرفها فكذلك الإمامة لا تكون إلا في أرفع المواضع وأشرفها وهو معدن الرسالة ليكون أقطع للحجة، وأبلغ في المعذرة، والأقرب إلى النبي ÷ من أولاده وذريته مع ما خصهم الله تعالى من الشرف والفضل فكانوا أحق بالإمامة من غيرهم، وفي هذا القدر كفاية، والأدلة على ذلك كثيرة مذكورة في الكتب البسيطة، وأما خلاف ابن الراوندي أنها


(١) في المطبوعة: بعث.