رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية
  وعن علي # قال: «ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل» أخرجه البخاري.
  ومن كلام الوصي # قوله: «هو الذي أسكن الدنيا خلقه وبعث إلى الجن والإنس رسله ليكشفوا لهم عن غطائها وليحذروهم عن(١) اقترابها وليضربوا لهم أمثالها وليبصروهم عيوبها وليهجموا عليهم بمعتبرٍ من تصرم مصاحها وأسقامها وحلالها وحرامها وما أعد للمطيعين منهم والعصاة من جنة ونارٍ وكرامةٍ وهوانٍ» رواه عنه الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة # في كتابه (الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي) فعلى العاقل إن كان لبيباً أن ينظر لنفسه النجاة في يوم يجعل الولدان شيباً، ومجمع للنجاة في العلم النافع والعمل الخالص، فقد قال ÷: «الناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطرٍ عظيم» هذا حديث معلق ووجه الخطر، ما أشار إليه ÷ في الحديث الآخر وهو قوله «حراسة العمل أشد من العمل»، والحراسة إنما تكون بالاحتراس عن المحبطات الظاهرة والباطنة من حصائد الجوارح والقلوب بعد إحراز العقيدة الصحيحة ثم العلم والعمل فإنما تتم النجاة إن علم فعمل فأخلص فحرس ذلك العمل عما يبطله من الآفات.
  واعلم أن تعلم أحكام الشريعة والتفقه في الدين أمرٌ واجب وفرض لازب، وذلك ينقسم إلى قسمين:
  أحدهما: فرض عين يجب معرفته على كل مكلف، وذلك القدر الذي لابد منه من أصول الدين كما مر، ويلحق بذلك تعلم أحكام الصلاة والصوم وجميع العبادات
(١) في المطبوعة: من خرابها.