مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

رسالة الإمام المهدي محمد بن القاسم إلى الديار القاصية

صفحة 273 - الجزء 1

  المتعلقة بالمكلف مثل أحكام الحج لمن استطاع، وأحكام الزكاة لمن وجد النصاب، وغيرها مما يتعلق بالمكلف فعلاً وتركاً ليعلم أنه قد امتثل ما أمر به بشروطه وفروضه واجتنب عما يفسده ويبطله وخرج من عهدة التكليف به، ويلحق بذلك أيضاً تعلم أحكام المعاملات التي يريد الدخول فيها مثل التجارة، والنكاح، والطلاق، وغير ذلك؛ لأنه لا يأمن الوقوع فيما هو محظور، أو الإخلال بما هو به مأمور، فقد جاء في الحديث عن النبي ÷ «من اتجَّر ولم يتفقه فقد ارتطم في الربا ثم ارتطم».

  والقسم الثاني: فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، وذلك مثل علوم الاجتهاد وأحكام الشريعة التي لا تعلق للمكلف بها؛ لأن حفظ الشرائع واجب، ولقوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}⁣[الأنعام: ١٩] وقوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ١٢٢}⁣[التوبة] وقوله ÷: «ليبلغ الشاهد الغائب» وغير ذلك.

  واعلم أنه لا فرق بين فرض العين وفرض الكفاية في الابتداء لتعلقه⁣(⁣١) بجميع المكلفين وإنما يفترقان في الانتهاء أعني عند قيام البعض به والكفاية فيه.

  اللهم اكفنا ما أهمنا في الدنيا والدين، واجعلنا من عبادك المخلصين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، واغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد سيد المرسلين وآله المنتجبين المطهرين. انتهت الرسالة الفائقة الرائقة المشتملة على مهمات العلوم، ومحاسن ما أخلصته القرائح والفهوم، أبقى الله منشئها ومن أنشئت نيابة عنه وجزاهما عن المسلمين والإسلام أفضل ما جزى من بلغ الشرائع، وأعلن الحق والمنافع، وجعل سعيهما مشكوراً وعلمهما حميداً مبروراً.


(١) في المطبوعة: لتعلقهما.