مجموع كتب ورسائل الإمام المتوكل على الله المحسن بن أحمد،

الإمام المحسن بن أحمد (المتوفى: 1295 هـ)

فصل في حكم تبييت الكفار وفيهم من لا يجوز قتله كالطفل والمراة

صفحة 281 - الجزء 1

  وكذا أمير المؤمنين علي # في تحريق الغلاة أصحاب عبد الله بن سبأ وهو إذا لم يكن فيهم من لا يجوز قتله مع إمكان التمييز نص في محل النزاع، في الجواز لاستئصال شأفة الكفار بما أمكن، وأن الإحراق والإغراق والإخناق على سواء مع عدم الإمكان للتمييز، وعدم إمكان التوصل إلى قتالهم بالسيف أو قصد التغليظ والتنكيل، وإنزال أشد النكاية حتى يكون ذلك رادعاً لغيرهم المشار إليه بقوله تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ}⁣[الأنفال: ٥٧] فلا يقال إن ذلك خاص بالمنجنيق فيكون جموداً على الظاهر، والمقصود جنس التغليظ، والتوصل إلى قطع مادة كفرهم والمبالغة في زجرهم.

  وفعل أمير المؤمنين علي # حجة عندنا وعند كافة آل محمد يجب الرجوع إليه لما ثبت من عصمته والحديث المذكور «أن لا يحرق بالنار ... الخ». متأول حيث يمكن الإستئصال والتنكيل والقتل بالسيف مع الإستعصام بالقلاع، وفعل باب مدينة العلم مبيّن للجواز في حالة التغليظ والزجر وعدم التمكن من القتل بالسيف فيكون فعله # مخصِّصاً لبعض ما تناوله العام جمعاً بين الأدلة فحينئذٍ جاز الإحراق والإغراق والإخناق ولو أصاب من لا يجوز قتله مع إمكان التمييز⁣(⁣١).

  وقد نص أئمتنا في مصنفاتهم بجواز الإحراق والإغراق والإخناق للإمام إن تعذر السيف، وإن كان فيهم من لا يقتل مع عدم إمكان التمييز، وجعلوا الحكم مطرداً على سواء في الإحراق وجنسه بناءً على تخصيص الحديث المذكور.

  ثم قالوا أيضاً: إذا كان لضرورة جاز ولو كان فيهم من لا يقتل، والضرورة هي تعذر مقاتلتهم، وخشية استئصالهم للمسلمين، والتغلب على ديار المسلمين وأقطارهم، ولم يفرق أهل البيت $ بين أن يكون الكفار قاصدين أو مقصودين.


(١) كذا في الأصل، ولعلها مع عدم إمكان التمييز كما يفهم مما قبله وما بعده.