جواب الإمام # على بعض علماء عصره
  فرع: وأما نحو الشيم(١) القديمة التي لا تعلم ولا يعرف كاتبها ولا صفاته ولا ثبوته لأحد على ما تضمنته من نحو الطلول والأصلاب فما ذكر فيها بيت مال، والدعوى عليه ولكن من حيث ذكرها للمواضيع تفصيلاً صحيحاً مطابقاً للواقع قرينه أن ذلك المذكور فيها وذريته مهما عرفوا أخص بها من سائر المسلمين إذ استحقاقهم لها من جهة ذكرهم فيها، ومن جهة كونهم من المسلمين، إلا أن الولاية فيها للإمام يضعها حيث أراه الله وهو حجة الله في أرضه، المؤتمن على مشروع سننه وفرضه، فإن قلت إنما لم يعمل بالكتابة لدخول الريب فيها لاحتمال التشابه في الخط والزيادة والنقصان فالعلة راجعة إلى ذاتها لا لوجود دليل أقوى منها.
  قلنا: بل شرعت لما ذكرنا ولنفي الريب {وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا}[البقرة: ٢٨٢]، ومع كمال شروطها المعتبرة المذكورة ينتفي الريب والإحتمال والإهمال، ويتحقق ما شرعه منها ذو الجلال، فالاحتمال راجع إلى أمر آخر لا إلى الذات.
  فإن قلت: العمل بالخط في باب الإخبار دليله واضح فما تقول في العمل به في باب الشهادات التي يشترط فيها اللفظ وعدم التركيب والخط لا يفيد ذلك.
  قلت: إن نزل الخط منزلة اللفظ بدلاً وهو أقل أحواله إن لم يجعل أصلاً لقوله ÷: «القلم أحد اللسانين» وللضرورة عمل به فيها أيضاً بشرطه.
(١) الشيم: هي البصائر أو القواعد أو المستندات.